بقلم/موفق محادين
فأما الأسد، فهو رئيس الجمهورية العربية السورية، الدكتور بشّار الأسد، وأما الذئب فهو رئيس جمهورية روسيا الاتحادية، بوتين، وأما الثعلب فهو حاكِم تركيا، أردوغان، وأما الوقواق، فهو أقرب إلى صورة أوساط من المعارضة السورية، الليبرالية والتكفيرية المُسلّحة.

ولكلٍ من إسمه نصيب، فالأسد كما سيّد الخواتم في الغابات لا يعرف المناورات ولا يلتفت إلى الوراء كثيراً ولا إلى التحذيرات والابتزازت، ولا يستمع للطبول التي ترنّ في آذان الخائِفين فقط، ويمضي مُحاطاً بكوكبةٍ من ملوك الغابات، النمر الذي اقتحم أوكار الإرهاب في طول البلاد السورية وعرضها، وكذلك البطل القائد العسكري عصام زهر الدين، والفهد الرشيق، سيّد المقاومة، حسن نصر الله، الذي لقَّن العدو درساً لا يُنسى في تموز 2006 وواصل الطريق ضد الوجه الآخر التكفيري لمُجاهدي الموساد والمخابرات الأميركية في سوريا والعراق.

إلى ذلك، دققِّوا معي في ملامِح بوتين ومشيته وشجاعته، ألا يشبه الأخوين، ريموس وريمولوس، الناجيين من انهيار طروادة كما الانهيار السوفياتي، وعاشا على حليب الذئاب قبل أن يؤسّسا روما ويبعثان الحياة فيها من جديد.

ألا يشبه أيضاً ذئب الفرزدق والبُحتري وعروة بن الورد، تجذبه النار إليها ويرى صورته في مراياها، فيتجدّد كل عام على غلاف المجلات الأميركية نفسها، كأكثر الزعماء حضوراً في المشهد العالمي منذ سنوات.

في المقابل، على ماذا وكيف تناوِر الثعالب، في كل النصوص التراثية، من إبن المُقفّع في كليلة ودمنة، إلى لامارتين، إلى المُتنبّي في هجاء العبد كافور.

تلك، حال أردوغان أيضاً كما حال الذين يشبهونه، الموت بلا آفاق وبلا نتيجة، أليس هذا ما انتهى إليه السادات وكل سادات على غِراره، فما من راقصٍ على الحبال أو بين الألغام، إلا ودقّت عنقه، أو تطايرت أشلاؤه.

ولا يبدو أن أردوغان بين الروس والأميركان، بين شرق الفرات وغربه، بين العلاقة الانتهازية العابِرة مع إيران وبين الشراكة الاستراتيجية مع تل أبيب في الأطلسي الجنوبي قد اتّعظ.

وعذره البائِس في ذلك، الحماقات الغابِرة التي تجثم على صدره وصدر الباب العالي العثماني وقَتْل الأشقاء قبل أن يجفّ دم السلطان القتيل، حتى زلزلت الأرض تحت أسوار يلدز، وضاقت إمبراطورية الخصيان والجواري والإنكشارية، في أربع جهات الأرض إلى البقعة التي وعدهم بها ملك بيزنطة وجاء بهم من شمال آسيا الى الأناضول، وأسكنهم فيها لمُقارعة فرسان الهيكل المُتشدّدين ضد الأرثوذكس أكثر من المسلمين، وضد ما تبقَّى من الإمارات الأيوبية.

وما فات أردوغان كذلك، أن مناورة الثعالب من أجل قنّ دجاج أو سلّة من العنب في بستان الكرد، غير اللعب مع غابات سوريا والأسد الرابِض في قمّة قاسيون، فنواطير الشام والمقاومة في لبنان، لا تنام ولا تفنى عناقيدها.

والحق يُقال، إن إسم أردوغان نفسه لا ينطوي دوماً على هذه الدلالات، فهو أصلاً من أتراك جورجيا لا من أتراك الأناضول، الذين لا يخلون من عنصرية حتى داخل الشجرة التركية، والمهم في هذه الإشارة أن شعوب القوقاز ومنهم جورجيا، عرفوا الثقافة الطوطمية (اتخاذ حيوان أو شجرة شفيعاً لهم) فقد يكون الذئب هذا الشفيع كما عند الشيشان، أو قد يكون هذا الطائِر أو الحيوان، ومن ذلك، الكلب لوفائه ويُعرَف بإسم قريب من الإنكليزية (دوغ أو داغ) وهكذا.

أخيراً ومن باب الإستطراد ولزوم ما لا يلزم، ألا يشبه الوقواق بعض أوساط المعارضة السورية، الليبرالية والتكفيرية، فهذا الطائِر يتوزَّع بين فصيلتين:

الأولى، تدسّ بيضها إلى جانب بيض الطيور الأخرى التي ترقُد هذه الطيور عليها، والثانية، ترمي بيض الطيور الأخرى خارج العشّ، باعتبارها طيوراً كافِرة، وأحياناً تلتهمه وتدسّ بيضها مكانه.

ويُشار كذلك، إلى أن رواية جين كيسي التي صدرت تحت عنوان (الطيران فوق عشّ الوقواق) وتحوَّلت إلى فيلمٍ من بطولة جاك نيكلسون، تتحدَّث عن شخصيةٍ مركّبةٍ من فصيلتين، فصيلة القاتِل وفصيلة المجنون.


المصدر : الميادين نت

حول الموقع

سام برس