محمد مغلس
كثر الجدل حول موقف التنظيم الناصري والحزب الإشتراكي من قضية العدالة الإنتقالية ووصل الأمر إلى شد وجذب وتجريح بين شباب الحزبين على مستوى الصحف والمواقع الاخبارية ومواقع التواصل الإجتماعي وغيرها دون وعي بحقيقة المواقف الصحيحة لحزبيهما والتي تقف مع قضية العدالة الإنتقالية ومعالجة آثار الصراعات السياسية التي حدثت في الماضي من أجل أن تكون هناك مصالحة وطنية شاملة وهذا ما خرج به تقرير فريق العدالة الإنتقالية .
بالعودة إلى بداية الحوار الوطني واتفاق القوى والمكونات السياسية على محاور الحوار التي تضمنها النظام الداخلي للمؤتمر والتي تشكلت بموجبها الفرق وتم تخصيصها بـ 9 قضايا ومنها قضية أو محور قضايا ذات بعد وطني ومحور العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية كل محور منفصل عن الأخر ومحدد ببنوده الواضحة وتم تقسيم قضايا ذات بعد وطني إلى ثلاث مجموعات أو ثلاث فرق في اطار الفريق وهي " النازحين ، والإرهاب ، وأستعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج " فقط ولا قضايا غيرها في هذا المحور.
وللتأكيد لا قضايا غيرها في إطار المحور السابق هذا بحسب النظام الداخلي ، أما المحور رقم 4 في النظام الداخلي لمؤتمر الحوار المتعلق بالعدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية فإنه تم تقسيمه إلى ثلاث مجموعات وهي " الصراعات السياسية السابقة ، قضايا وحقوق المخفيين قسراً ، إنتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت في العام 2011 " بحيث يكون بند الصراعات السياسية في محور العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية هو الشامل لكل القضايا التي حدثت نتيجة للصراعات السياسية في الماضي وتم الإتفاق على صيغة عامة دون تخصيص لقضية معينة بحيث لا يتم إستخدامها مستقبلاً لأغراض معينة من قبل بعض القوى واسقاط قضايا أخرى بل ترك المجال مفتوح أمام جميع القضايا الوطنية ومن حق أي طرف أن يتبنى القضية التي يراها وطنية وكانت نتيجة للصراع السياسي وهذا ما أتفق عليه الجميع في فريق العدالة الإنتقالية وتضمنها تقريرهم النهائي المرفوع إلى رئيس الجمهورية والذي تم إحالته إلى الجلسة العامة قبل ان يفاجئ الجميع بالتزوير لمخرجات الفريق المصغر والتجاوز للنظام الداخلي للمؤتمر بورود قضية المناطق الوسطى في محور قضايا ذات بعد وطني وهذا هو التزوير .
أما فيما يخص الجدل القائم بين شباب التنظيم الناصري والحزب الإشتراكي فإنه ناتج لعدم وعي من قبل الجميع بحقيقة ما أتفق عليه في الفريق حيث كان اعترض التنظيم الناصري والمكونات الأخرى للتزوير الحاصل في التقرير والذي حشر فيه قضية المناطق الوسطى وغيرها من المناطق والذي يعتبر تزوير لمخرجات الفريق وتجاوز للنظام الداخلي ، ولم يكلف الشباب أنفسهم للبحث عن الحقيقة ، حيث ذهب البعض من شباب الحزب الإشتراكي لكيل التهم على التنظيم وموقفه الرافض للتزوير وتجاوز النظام الداخلي للمؤتمر وتخصيص بعض القضايا بعد أن تم التوافق على أن تكون الصيغة عامة وشاملة لكل القضايا في إطار محور العدالة الإنتقالية وليس في محور قضايا ذات بعد وطني وإدخال قضية لا علاقة لها بهذا المحور وليس من اختصاصات الفريق وإنما من اختصاصات فريق العدالة الإنتقالية وهو ما أعترض عليه التنظيم الناصري والمكونات الأخرى في الفريق المصغر لأنه ورد بند لم تتفق عليه المكونات في تقريرها النهائي المرفوع للجلسة الختامية.
تباينت ردود الأفعال بين شباب التنظيم الناصري والحزب الإشتراكي حتى تحول الأمر إلى جدل ربما كاد يفقد العلاقات الطيبة القائمة بين شباب الحزبين وبغير وعي وإدراك بأن هناك من حاول خلط الأوراق وإيجاد صراع وجدل لتحقيق مكاسب لا تخدم لا الناصريين ولا الإشتراكين وإنما تخدم الأطراف التي مارست الإنتهاكات في الماضي .
وسأكون أكثر وضوحاً لو قلت أن النظام السابق ربما أكثر المستفيدين في حال تم حشر هذه القضية في بند القضايا ذات البعد الوطني حتى يستخدمها في المستقبل لمواجهة أي طرف يفتح قضية ما بحجة أنها لم تأتي في إطار التقرير وبمبرر أنها لو كانت وطنية لشملها التقرير مثل قضية المناطق الوسطى وهو بهذا يريد أن يغلق الباب أمام جميع القضايا وبغض النظر عن موقف الحزب الإشتراكي الداعم لقضايا المناطق الوسطى والذي حاول البعض إستخدام إعتراض التنظيم على تضمينها في التقرير كأنه موقف مخالف لموقف الإشتراكي أو أنه يقف ضد قضايا المناطق الوسطى وهذا التدليس للأسف وجد له قبول عند شباب الحزب وكنت أتمنى أن يقف الجميع ضد التزوير الحاصل في التقرير وكشف من يقف وراءه خاصة وأن الحزب الإشتراكي والتنظيم الناصري يقفان مع تحقيق العدالة الإنتقالية ومعالجة كافة آثار الصراعات السياسية .
أما مواقف الحزبين فقد اتضح في التقرير النهائي المتفق عليه من كل المكونات كما ذكرته سلفاً والذي أورد الصراعات السياسية تحت هذا البند ولم يخصص أي قضية ، حتى أنه من الممكن أن نطالب بالعزل السياسي وفتح قضية إغتيال الشهيد الحمدي وكذا المناطق الوسطى وكل القضايا الوطنية لأن الصيغة الحالية والمتفق عليها تتضمن كل هذه القضايا وغيرها من القضايا التي لم أستعرضها هنا .
أتمنى على الجميع التنبه لهذا وتوحيد جهود الشباب لكشف حقيقة من يقف خلف تزوير تقرير الفريق وأعتقد أن الأمانة العامة للحوار تتحمل هذه المسئولية وعليها إثبات حقيقة التزوير ولمصلحة من واتخاذ موقف حاسم ضده انتصاراً للقيم الأخلاقية والمسئولية التي تقع على المتحاورين كي لا يتم مصادرة حقوقهم وإرادتهم وتوجيهها لخدمة أهداف القوى التي من مصلحتها وجود ثغرات في التقرير يتم استغلالها لمصلحتهم في المستقبل ومنع طرح أي قضية بحجة أنها غير مخصصة وهذا ما سيجعل تحقيق العدالة أمر مستحيل والمصالحة الوطنية غير ممكنة .

حول الموقع

سام برس