عبرالرحمن بجاش
في حياتي المهنية حيث حرصت على أن يكون للإنسان فيها وجود , سأقسم وكثير من الزملاء المنصفين لن يردد سوى (هذا صحيح) أن أكثر واكبر مسؤول إنسان مر علينا في هذه الصحيفة يجمع كل شجن الإنسانية وشوقها في شخصيته هو المرحوم الأستاذ محمد ناصر الزبيدي, وأول من سيؤمن على ما أقول الزميل الكبير الأستاذ احمد الأشول , فمحمد الزبيدي ظل طوال عشر سنوات رئيسا لتحرير هذه الصحيفة عنوانا للإنسان والمهني الذي لا يكذب أهله , واشهد أن به كان رحمه الله من البراءة وزرقة السماء ما احتوانا بها كلنا يحن علينا ويعطف على الضعيف منا قبل القوي , وكان موسوعة , نتندر أحيانا عليه لكن الزبيدي كان لا يعجز في شيء لاطلاعه وتنوع تحصيله من القراءة , يكتب في السياسة كما يكتب في الدين وبنفس النفس المتجه إلى المستقبل , وإذا جلست إليه كما جلس أحمد الأشول غرفت منه ما يملأ روحك ويزيد إذا أردت , وكان ذا نفس بريئة حسن النية طيبها , واليكم صوره من صورها من هو ذكي فليقرأ ما بين سطورها , فذات صباح جاء في احد الأخبار المنشورة أن ( الرئيس الأميركي ريغان وهو من الحزب الديمقراطي ..... وكان الرئيس كارتر وهو من الحزب الجمهوري ...) لتضج الوزارة يومها فوق رؤوسنا بعد اتصال من الخارجية عطفا على عتاب من السفارة , طلب منه التصحيح في العدد التالي ,ليأتي الاعتذار ( حدث خطأ وجل من لا يخطئ ...فقد ورد أن ريغان من الديمقراطي وكارتر من الحزب الجمهوري والصحيح أن كارتر جمهوري وريغان ديمقراطي فمعذرة ) , وفي الصباح ضجت الدنيا مرة أخرى لنضع أيدينا فوق رؤوسنا , ليت الأستاذ بعد العصر وبطريقته البريئة ( والله انهي غلطه لكن يا احمد سنصلحها ), ليظهر الاعتذار والتوضيح صبح اليوم الثالث ( لا يخطىء سوى من يعمل , ونحن نتعلم من أخطائنا ووووووو.......فقد ورد أن كارتر كذا وريجان كيت,والصحيح أن كارتر جمهوري وريغان ديمقراطي ) , ما ذا حدث ؟؟ كيف تكرر الخطأ وبإصرار , وكلنا – ليس الزبيدي وحده – مستغربين وأولنا زميلنا الأستاذ الأكثر براءة وصدقا احمد الاكوع, وقد كان سيكرر الاعتذار , ليتصل الوزير , يومها كان الصديق الأستاذ حسن اللوزي قائلا وهو يضحك ( أسألكم بالله لا عد تعتذروا ) , قال الأستاذ الزبيدي يومها وبنفس الروح الطيبة ( ما يقعش لابد من الاعتذار ) لقيني في الدرج : كيف تشوف يا عبد الرحمن وهو الأستاذ , قلت : يا أستاذ محمد بيني وبينك يكفي , فتقبلها برحابة صدر , ولم يكن رحمه الله يدري أن هناك من يلعب من وراء ظهره وبسوء نية , ولهدف تبين في ما بعد , ليذهب من كان وراء ما حدث وتظل صورة الزبيدي ناصعة البياض في صدورنا , ما حدث يمكن إسقاطه على أشياء كثيرة في الواقع والإعلامي بالذات كله عامه وخاصه , والذكي من يقرأ ما بين السطور ويستفيد , فذاكرة الناس لا تحتفظ سوى بالمواقف الأخلاقية الكبيرة , والشاطر أي شاطر من يستفيد من الدرس .........

نقلا عن الثورة نت

حول الموقع

سام برس