جميل مفرح
شعور كبير بالحزن والحسرة والألم يجتاحني وأنا أتأكد وأؤكد على أن اليمن بلد طارد لكل جميل ومثالي وإيجابي ومستقبل لكل ما هو سيء وسلبي ورديء لتزداد الأحزان وتتوالى الإخفاقات في كثير من جوانب الحياة إن لم يكن فيها كلها فهل نحن حقا ما نزال بحاجة إلى مزيد من الفشل والتراجع والانهيار؟! وألا نحتاج حقا إلى ما ينتشل هذا الوطن مما هو مغموس فيه من الأخطاء والمصائب والنكبات التي تتوالى عليه من منعطف لآخر ومن حدث لآخر؟!
* ففي حين تتربى بكتيريا الإرهاب وتستدعيه من خارج الحدود ليتخصب ويضر بمصالح البلاد والعباد ويقلقل الأمن والاقتصاد ويفتح الوطن بابه باستقبال المزيد من عوامل الفقر والعوز والهدم من لاجئين ومرضى ومخدرات وأسلحة وما إلى ذلك من العوامل التي لا يمكن أن يتحقق معها لا أمن ولا استقرار ولا تأمين غذاء ودواء وما إلى ذلك يتسرب من بابه الآخر الكثير مما هو في أمس الحاجة إليه خصوصا في المرحلة الخطرة التي يعيشها حاليا متمثلة تلك الحاجات في القدرات العلمية والإبداعية والثقافية والسياسية أيضا..
* كنت أعتقد أن ثمة مبالغة لدى من يطرحون مسألة تهجير الإبداع والمبدعين أو السماح بهجرة القدرات الإبداعية والعلمية والابتكارية وكنت أعتقد أنها مجرد حالات قليلة لا يمكن أن تحدث ما يمكن اعتباره ضررا فادحا أو خسارة كبيرة كما كان يدعي البعض واليوم وأنا أدرك فعلا معنى ذلك التجهيز والاستغناء عن القدرات المميزة من أبناء الوطن وأشعر بمدى الخسائر التي ستعود على وطن في مرحلة صعبة وحساسة يحتاج فيها إلى كل ذي قدرة وإبداع من أجل بنائه وتطويره والحفاظ على ما تبقى من مكتسباته.
* لاحظت ذلك بقوة وتيقن تدريجيا وأنا كلما أسأل عن صديق ورفيق أو زميل فأجد أنه قد غادر الوطن للعمل وممارسة إبداعه وقدراته خارج الوطن ومن ذلك عدد من الأصدقاء الدكاترة في مختلف الجامعات اليمنية فكل من تعرفت عليهم من المبدعين والقدرات الجديدة التي كان ينتظر منها الكثير والكثير لتقدمه للوطن وجدتهم وقد تحولوا للتدريس في جامعات عربية أخرى خصوصا في دول الخليج الشقيقة!! عشرات من الأساتذة والدكاترة التي استقطبتهم الجامعات الخليجية دون أن تحرك الدولة ساكنا أو حتى تبدي اهتماما أو تشعرنا حتى بعلمها بذلك!!
* نعلم أن ظروف المعيشة والمقارنة بين ما يحصل عليه الأستاذ الجامعي في اليمن وما يحصل عليه في دول الخليج يقف وراء ذلك ولكن هل من المعقول أن تظل الدولة في موقف المتفرج السلبي وهي تعلم كل العلم بالتدني الذي يمنى به التعليم في بلادنا وما الذي سيضاف من تدن في تلك العملية حين تستنزف الدول المجاورة أفضل مدرسيها الجامعيين تاركة للتعليم الجامعي المحلي الرديء وما أكل السبع ليس ليستمر المستوى المتدني وحسب بل ليزيد رداءة وسوءا!!
* اعتقد أن الأمر من الخطورة بمكان فقط لو تحدثنا عن التعليم الجامعي فما بالك لو فتشنا في الكثير من الجوانب الإبداعية والمهاراتية والشبابية والفنية والرياضية والثقافية وحتى السياسية نعم الأمر خطير للغاية ويجب على الدولة أن تنتبه لذلك قبل أن يغدو الوطن فقط مستقرا للعاثرين والمتعثرين الذين لن يقدموا له شيئا بقدر ما سيأخذون من أمنه واستقراره واطمئنانه.

حول الموقع

سام برس