فكري قاسم
أعداء النور يراهنون على أيام من هذا النوع ليكمموا الأفواه. أعداء النور الذين سرقوا ثورة سبتمبر وأكتوبر، وسرقوا الوحدة، وسرقوا ثورة 11 فبراير، هم ذاتهم الذين اغتالوا قيادات الحزب الاشتراكي من قبل، وهاهم يعرجون الآن إلى جرائم اغتيالات بشعة طالت بالأمس واحدا من أنظف العقول اليمنية د / أحمد شرف الدين .

لن أتحدث عن مناقب الفقيد، فهو واحد من قلائل اليمنيين الذين سيذكرهم التاريخ كأعلام من نور. لكنني سأتحدث عن أعداء النور الذين دشنوا باغتيالات "جدبان" و"أحمد شرف الدين " معركتهم الوضيعة القادمة، وهي معركة " الدستور اليمني" الذي سيتعين على كافة القوى المجتمعة في مؤتمر الحوار أن تصيغه، وكان الفقيد "شرف الدين" أحد أهم تلك العقول المعول عليها صياغة دستور يحترم العقل اليمني.

ببساطة، الذين اعتبروا أطروحات "الشهيد أحمد شرف الدين" المتعلقة بفصل الدين عن الدولة، حين قالها صراحة قبل أشهر بأن: الإسلام دين الشعب، أما الدولة فهي كيان اعتباري دينها القانون. هم ذاتهم القوى الظلامية التي اعتبرت - من قبل- أطروحات الشهيد جار الله عمر "كافرة " وبسببها اخترقت قلبه المضيء رصاصات الظلاميين.

باغتيال قلب وعقل الدكتور "شرف الدين" ستكون اليمن- كدولة وكشعب- قد دخلا باكرا في معركة الدستور القادمة. وهي المعركة التي يبدو أن الظلاميين المتمترسين خلف العقائد المزيفة والمظلمة قد استعدوا لها جيدا بكتيبة اغتيالات، الهدف من ورائها إرهاب كل العقول اليمنية الباحثة عن الضوء.

لكنني أثق جيدا بأن اليمنيين - هذه المرة- سيمتلكون شجاعة العصر وسيواجهونهم ببسالة- خصوصا- وأنها معركة مفصلية، إما أن تنتقل اليمن بعدها إلى حيث يليق بها أن تكون كدولة عصرية، أو أنها ستبقى في جيوب تجار الحرب وتجار الدين وتجار إفساد الحياة. معركة الدستور القادمة خطيرة ومهمة ومفصلية، وسيتعين على كل اليمنيين الأحرار، في كل الفصائل والأحزاب.. يمنيين الضوء والعقل والبناء، أن يخوضوا ضد خفافيش الكهوف والخرافات والمعتقدات البالية معركة "الدستور" القادمة بشجاعة عصرية، وبضمير ينتمي إلى الحياة وإلى القرن الواحد والعشرين.

جريمة الاغتيال تمت ببشاعة كغيرها من الجرائم والاغتيالات، لكنها – بالتأكيد- واحدة من تلك الآلام التي تعتبر فرصا لتوحد مشاعر اليمنيين ضد كل أولئك القتلة الذين قصفوا مرارا العقل اليمني ضد كل أولئك الظلاميين الذين اعتادوا العيش على تخلفنا، لأنهم – أساسا- لا يريدون لإنسان اليمن أن يكبر ويخرج إلى النور. الجريمة تمت، وليس مطلوبا منا العويل الآن، ولا مطلوب منا اجترار الأحقاد.. بل مطلوب منا- على الأقل احتراما لكل تلك العقول التي تم قصفها واحدا تلو الآخر- أن نخوض المعركة ضدهم بضمير الإنسان اليمني الباحث عن دولة متمدنة وعصرية، وهذا في رأيي أكبر اقتصاص تاريخي لكل أولئك اليمنيين الذي امتلكوا عقولا وضمائر مجتمعية مضيئة كتلك التي امتلكها الشهيد"أحمد شرف الدين" ومن قبله " الشهيد "جار الله عمر" وقبلهم الشهداء "إبراهيم الحمدي" و"سالمين" و"أحمد محمد نعمان". بدأت الآن معركة "الدستور" مع قوى الظلام، وعلينا كشعب أن نتماسك، وألا يرهبونا ببنادقهم لنخرج جميعا إلى النور.

العالم اليوم أصبح مفتوحا، غير عالم الأمس المنغلق والمغلق. نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، ومعركة "الدستور" القادمة هي معركة كل يمنيي القرن الواحد والعشرين، على أن الجالسين في الكهوف وحدهم من يشجعون القتل.

ألف رحمة عليك يا والدي يا أحمد شرف الدين .. الفاتحة إلى روحة الطاهرة.

حول الموقع

سام برس