بقلم/ ريا أحمد
عام مضى على جريمة من أكثر الجرائم الإنسانية بشاعةً، أتذكّر جيداً ذلك اليوم؛ كان يوم الخميس 5 ديسمبر، وكنت في مكتبي بوزارة الإعلام تحديداً في الدور الرابع حيث سمح لي موقع الوزارة مشاهدة الدخان الأسود يتصاعد من جهة باب اليمن.
سارعت لتصفُّح مواقع الأخبار عبر شبكة الانترنت؛ ولم يكن ثمة أي خبر عن الجريمة، انتقلت مباشرة إلى «الفيس بوك» ونشرت صور التقطتها معلّقة عن الدخان ومتسائلة عن الموضوع.
دقائق قليلة وبدأت الأخبار تُنشر عبر المواقع الإخبارية وعلى «الفيس بوك» وكذلك عبر رسائل الموبايل للخدمات الإخبارية.
كل ما نُشر حينها لم يعط أي مؤشر لبشاعة ما حدث؛ كل ما نشر حينذاك تحدّث عن محاولة استهداف الرئيس الذي قيل حينها إنه كان في زيارة لقريب له بالمستشفى.
لاحقاً بثّت الفضائية اليمنية مشاهد للجريمة؛ ولم تكن تلك المشاهد كغيرها من المشاهد التي شاهدناها في دول أخرى تعاني الحروب أو دول يستهدفها الإرهاب؛ مشاهد جمّدت فينا كل المشاعر؛ فما عدنا قادرين على البكاء ولا الكلام، فاغرين أفواهنا، مذهولين من هذا الفعل القبيح بحق ممرضين وأطباء ومرضى، مندهشين من شجاعة الدكتورة سُميّة الثلايا التي تغلّبت على فطرة الخوف وأظهرت شجاعة لا يمكن أن تكون في سواها؛ حيث آثرت إنقاذ الجرحى رغم وجود الوحوش الآلية في كل مكان لتنال منها أخيراً، امرأة مثلها بشجاعتها وبالرحمة العظيمة التي تتحلّى بها لابد لها أن تُزف شهيدة إلى السماء.
لربما من أكثر المشاهد استفزازاً وقهراً هو مشهد المزدحمين في إحدى غرف الدور السفلي واستنجادهم بأحد الإرهابيين الذي يرتدي البزّة العسكرية؛ حيث ظنّوه رجل أمن؛ فبدأوا يحدّثونه عن الإرهابيين في المستشفى؛ ولكن وقبل أن ينهوا حديثهم إذ به يرمي إليهم قنبلة لتنهي حياتهم في لحظات..!!.
ولعل من أكثر ما يثير الغضب هو رؤية القتلة وهم يتمشون أو بالأصح يمتخترون بكبرياء وبكل طمأنينة وكأنهم آلات تعمل بالريموت كونترول وكأننا نشاهد لعبة سخيفة على «البلاي استيشن» يلعبها مراهق أحمق يصطاد ضحاياه برصاصة واحدة؛ وكأننا نشاهد لعبة القناص الذي لا يستغرق سوى رصاصة واحدة ليقتل شخصاً له حياته وأحلامه وأسرته ومحبيه.
ولكي تكمل «القاعدة» دورها المقيت؛ يأتي إلينا لاحقا أميرهم «الريمي» ليقدّم الاعتذار ويعرض الدّية لأسر الضحايا، كم نحن رخيصون في شرع أمراء الحرب..!!.
كان يوماً بشعاً ومرعباً وسيبقى كذلك طالما ونحن مؤهّلين لأن نعيش نفس التجربة المريرة؛ ليس شرطاً أن تكون في نفس المكان طالما أن الضحية هي اليمن.
عشرات قضوا يومها تاركين في قلوبنا القهر والألم والحزن وأيضاً الفخر والافتخار بهم أحياء عند الله وفي قلوبنا، شجعان وأبطال امتهنوا مهنة الحياة بينما امتهن القتلة مهنة الموت فشتّان بين دعوة لهم بالرحمة ودعوة على المجرمين باللعنة في الدنيا والآخرة.
أخيراً لابد من القول إن يوم 5 ديسمبر هو يوم سُميّة الثلايا، المرأة اليمنية الأكثر شجاعة وإنسانية ويوم كل شهداء العرضي المستشفى الذي نقل للعالم أجمع أن تنظيم «القاعدة» هو تنظيم وجُد لتشويه الإسلام، هو يوم أسقط هذا التنظيم ستار الإسلام الذي يتسترون خلفه، أسقط الستار عنهم؛ لذلك نبت عنهم تنظيم أكثر بشاعة هو تنظيم «داعش»..!!.
sabaqueen2002@hotmail.com

حول الموقع

سام برس