احمد عبدالله الشاوش
لاشك أن العقل العربي مازال " رهينة " لدول الشرق والغرب، نتيجة لعدم توافر البيئة المستقرة والمشجعة للمبدعين في أوطانهم الذين يرون أن أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم تتحقق في دول أخرى تؤمن بالعلم، وتقدر العقل، وتهتم بالإبداع بعيداً عن الجنس واللون والعرق .

بينما يتم " وأد " كل ذلك في الداخل المتعدد الصراعات والأهواء التي ساهمت في خلق بيئة مضطربة تؤمن بالبندقية وتتقن الحوار البيزنطي وتفضل أعشار المثقفين وضعاف المتعلمين الواهمين بأن الملكات الفريدة والإبداع العظيم يشكل زلزالاً يهز كيانهم ويؤثر في مصالحهم .

ولهذه الظروف غير الصحية هجرت العقول "العربية" والأدمغة "الإسلامية" التي ذاع صيتها في شتى بقاع المعمورة، وبرعت في كافة مجالات الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء والفلك والتكنولوجية، مغردة في بلدان تعشق العلم وتصقل الموهبة وتحتفل بالفكرة وتكرم المبدعين، وتجعل من كل ذلك قبلة وعنواناً لها.

إلا أن ما يدعو للأسف والأسى أن هذه الكوكبة من النجوم في سماء الإبداع درسوا منذ طفولتهم حتى تخرجهم في مدارس حكومية على نفقة أوطانهم ومن قوت شعوبهم، وحصل السواد الأعظم منهم على منح دراسية في أوروبا وأمريكا ودول عربية أخرى، محملين خزينة دولهم ملايين الدولارات، وما أن اشتهر هؤلاء العباقرة في الجامعات والمعاهد التي درسوا فيها، حتى سارع الكثير من " القراصنة " قبل وبعد التخرج إلى إبرام "عقود العمل" المغرية، لاحتواء أولئك النوابغ والاستفادة من تلك الخبرات والكفاءات المؤهلة المتخرجة من أعرق الجامعات والمعاهد العالمية، و"حرمان" أوطانهم.

وبهذا الأسلوب السلبي غير الأخلاقي يحصل "الغرب" ودول "النفط" على عقول جاهزة في جميع التخصصات العلمية بأرخص الأثمان، لتوفر تلك الدول على نفسها ملايين الدولارات و"تصدم الدول النامية" الطامحة بعدم عودة أبنائها المتألقين التي صرفت عليهم دم قلبها، نتيجة لمغريات سوق العمل الخارجي وتأثر برامج وخطط التنمية في الداخل التي كانت تأمل من خلال عودة هؤلاء الصفوة تحمل مسئولياتهم الأخلاقية والعلمية المتمثلة في استفادة أوطانهم ومنها "اليمن" في تعليم الأجيال والقيام بواجباتها في جميع ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية والعلمية، للنهوض بأوطانهم ورد جزء من الجميل .. وفي حالة عودة البعض منهم يتم تهميشه نتيجة الثقافة المجتمعية السلبية، وإن كان أوفر حظاً عُين وزيراً أو مسئولاً ينتهي طموحه برسم السياسات، ومشاغل الموظفين وغيره.

فهل آن الأوان للعمل على إيجاد البيئة المناسبة والمستقرة للمبدعين وإنصافهم من خلال إصدار قانون ينظم شئونهم ويحقق طموحاتهم .. الأمل كبير.

نقلا عن صحيفة الثورة
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس