احمد عبدالله الشاوش
*الحياة كفاح رغم ملذاتها ومنغصاتها، إلا أن النفس البشرية تظل في حالة جهاد دائم للبقاء على قيد الحياة، فالتفاؤل والأمل هما الشيء العظيم الذي يمكن الإنسان من تجاوز الواقع المرير والانطلاق نحو تحقيق طموحاته، ومع هذا نرى ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر الناس ألماً وصبراً وأملاً في تجاوز إعاقتهم أو على الأقل تحسّنهم نفسياً وعضوياً، ليعيشوا الحياة مع المجتمع بصورة طبيعية دون حواجز أو موانع تجعلهم أكثر انزواءً أو نقمة، ولكي تتحقق الحياة الكريمة لهذه الشريحة الإنسانية فإن المسئولية تقتضي أن تقوم الأسرة بدورها في تهيئة الظروف المناسبة المليئة بالحب والحنان والتقرّب منهم أكثر لتجسيد الارتباط الأسري وشعور ذوي الإعاقة بالألفة من خلال الرعاية والاهتمام مهما كانت الظروف الأسرية كون الجانب النفسي هو أساس التحسّن والاستقرار والرخاء، كما أن واجب الأبوّة والأمومة نحو هؤلاء ضروري من حيث تنظيم رحلات داخلية لزيارة الحدائق والمتاحف والشواطئ والملاهي قدر الإمكان والتعرّف إلى أصدقاء آخرين من شأنه اكتساب معارف جديدة وإخراجهم من حواجز الغرف والجدران الأربعة.

* كما أن المجتمع له دور كبير في أداء رسالته الإنسانية من خلال الاندماج وإيجاد شراكة حقيقية مع ذوي الاحتياجات الخاصة والمساواة ومحاولة الاختلاط والتقارب والتحاور والنقاش بعيداً عن النظرة الدونية والاستعطافية، فلابد أن تكون العلاقة ندية ونابعة من قيمنا العربية والإسلامية التي لا فرق فيها إلا بالتقوى، وأياً كانت الإعاقة منذ الولادة أو نتيجة لحادث طارئ فذلك قدر لابد من الإيمان به، وكذلك فإن مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني لابد أن يكون لها دور وعليها واجب أخلاقي وإنساني ووطني يفرض عليها الاهتمام بهذه الشريحة وتطويرها من خلال بناء المدارس والمعاهد والحدائق والملاعب والمستوصفات الخاصة وغيرها، ولابد من صقل القدرات الإبداعية للمتميزين النابغين في الكثير من العلوم ومن يمثلون القدوة الحسنة، كما أن علينا أن نأخذ العبرة من الصين واليابان ودول أوروبا السبّاقين إلى الاهتمام بهذه الشريحة وبناء المعاهد والمدارس المتخصصة وتخرّجهم منها والالتحاق بسوق العمل وقد لمع الكثير منهم في التعليم والتدريب والرياضة والاختراع فصاروا عنواناً لبلدانهم.. غير أن ما يؤسف له أننا لا نرى في بلادنا إلا الغياب الملحوظ لمثل هذه الأعمال والمؤسسات واقتصارها على المناسبات والاحتفالات السنوية لتسجل مجرد حضور كإسقاط واجب .

فهل آن الأوان لهذه المؤسسات ورجال الأعمال الأخذ بأيدي هؤلاء نحو المستقبل المشرق؟! أملنا كبير.

حول الموقع

سام برس