سام برس / أحمد عبدالله الشاوش
في لحظة من لحظات التجلي راودتني الكثير من الأفكار ودار شريط الذكريات الجميلة مستعرضا متأملا رحلات سابقة كانت مدينة الحديدة عروس البحر الأحمر هي المقصد لقضاء رحلة سياحية للهروب من الرتابة وضغوط العمل النفسية والجسدية وتحديد النشاط وانعاش الروح بعد أن دارت الأيام والشهور وأثرت فينا السنين والتهمت أعمارنا دون شعور لضغط الحياة وشدة الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلد وأصابت كل جوانب الحياة وعندما يستقر الرأي وكانت الإرادة هي الفيصل والمحفز عرضت الفكرة على بعض تازملاء وإذا بشوقهم فاق شوقي وكانوا أكثر صبابة وحماسا للرحلة فسعدنا جميعا خصوصا وقد سبث لنا تآلفت القلوب مسبقا قبل أكثر من سنة في رحلة سفر جمعتنا وتجولت في بعض المدن اليمنية واستفذنا من فوائد السفر فانتهزت الفرصة وقررنا السفر وخططنا لزيارة بعض الأماكن السياحية الجذابة في الحديدة وفيها زيارة محمية برع والسخنة والصليف والعرج ومحطة رأس كثيب وأمرنا أحدنا ليكون أمير الرحلة وتوكلنا على الله وانطلقنا يم الجمعة الساعة السادسة صباحا بعد صلاة الفجر في التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي بكل هدوء وراحة بال والسعادة تغمرنا والسيارة تلتهم الاسفلت وكلما التفت ذات اليمين وذات الشمال وإذا بالجبال كأنها حاضنة للمنازل والقرى والبيوت كأنها معلقة في السماء أو تعانقها والدخان يتصاعد من فوهات المطابخ (الديم) وللأسف تكتض بالناس وخيرات اليمن السعيد من الفواكه وتلذ الأعين وكلما مررنا بمنطقة توقفنا للحظات للتأمل والتعجب من بساطة الناس شموخ الجبال والبيوت المعلق في النجوم والدكاكين العتيقة محاولين استحضار اسم المنطقة التي تليها أو القرى القادمة ومررنا ببني مطر وأسواقها وتنة وأناسها وبعض التصرفات اللافتة والازدحام وعدم الانتظام وتذكرنا المثل القائل (حكم بني مطر في سوقهم) ومررنا بسوق (بوعان) والذي كان مشهور بالـ(الكباش) واللحم البلدي والحيمة الخارجية وحراز والابتسامة وروح الدعابة لا تفارقنا حتى وصلنا إلى المراوعة والحقل والتربة اليمنية مما زاد طربا وسعادة وزاد من ذلك الجو التعليقات الساخرة التي انستنا هموم الحياة وطول السفر وعند وصولنا المراوعة تلك المنطقة الغنية بالكباش ومراعيها الخصبة وطيبة وبساطة أهلها ومهارة طباخها تناولنا فطور الصباح لحما طيبا شهيا خاليا من الدسم قدمته لنا أيادي ماهرة وفي قمة التميز تفتقر إليه أجواء المطاعم في العاصمة صنعاء وامهر طباخيها واصلنا السفر مخترقين الطريق وقلوبنا تبتهج سرورا بأننا عما قريب سنصل إلى عروس البحر الأحمر مدينة الحديدة الفاتنة التي نكون في أحلى أوقاتها في هذا الفصل البارد وتحوي الكثير من الأماكن السياحية الطبيعية وذات الروعة والجمال ذهبنا إلى جامع العيسي لأداء صلاة الجمعة ثم تناولنا الغداء في أحد المطاعم المتميز بمدينة الحديدة والتي لم تكن بجودة ولذة الطعام المراوعي رغم التميز وتوفر أصنافا من الطعام وبعدها ذهبنا إلى الاستراحة للاسترخاء بعد عناء السفر وفي الساعة الخامسة من عصر يوم الجمعة انطلقناإلى مناطق البحر للتنزه والتمتع بسنيمها اللطيف ومن ثم السباحة والتمتع بسحرها وشواطئها ومواجهة أمواجها والتأمل في طبيعتها وما إن قرب وقت الصلاة حتى سارعنا لأدائها ومن ثم العودة إلى شواطئ البحر وارتشاف الشاي والسهر على ضوء القمر والنجوم رتسنات باردة من الرياح العليلة التي جاءت من بعيد تحملها موجات البحر المتتابعة ثم عدنا إلى استراحتنا للحديث والمجابرة والقفشات المضحكة واستعدينا للنوم ومن جديد نعاود التوجه إلى أماكن مختلفة من شواطئ الحديدة المتميزة وأمواجها وقضاء أوقات مريحة وطيبة انستنا الهموم بسحرها واللقها وطيبة أهلها وهوائها الصافي والتسوق في أسواقها الشعبية العتيقة وأسواقها التجارية فالحديدة ببحرها الزخار وبساطة أهلها عوان للأصالة والحضارة. محمية برع في يوم السبت 30 نوفمبر الماضي توجهنا إلى محمية برع الطبيعية التي تقع شرق مدينة الحديدة وكان يرافقنا طوال الرحلة مدير المحمية ناصر محمد تامة وجميعنا في قمة السعادة والشوق يأسرنا لزيارة جنة من جنان الرحمن الفريدة وآية من آيات الجمال والإبداع الرباني المتنوع بغاباتها الخضراء المنتشرة من تتتت قمة جبل إلى أعلى جبل وجمالها الآسر للأبصار والعقول وسحرها الطاغي لزوارها وتنوع طيورها وحيوناتها النادرة ومبانيها العتيقة الشامخة كل هذا العبق والروعة على مساحة ممتدة بطول خمسة كيلو مترات تقريبا أو يزيد ارتفاع جبالها الشاهقة عن 2700-3000 متر أعطاها زخما ،اهتماما كبيرا ومن ثم الإعلان عنها (محمية طبيعية) في العام 2006م باهتمام محلي واقليمي ورسمي ورغم قلة الإمكانيات وعدم رصد موازنة للمحمية إلا أن إدارة المحمية وأبناءها واقفون وقفة رجل واحد حيث الاهتمام بها ونظافتها والمحافظة عليها وأشجارها وعدم استحداث البناء أو التغيير من طبيعتها ورغم ذلك الجمال والروعة لم نجد أية بصمات للسياحة أو غيرها من الجهات المختصة من حيث الدعم المالي ولا أية بصمات لرجال الأعمال باعتبارها مصيفاً لأبناء الحديدة وعامة أبناء الشعب اليمني والسياح ومقصد كل عليل .. حقا لقد قضينا يوما جميلا في بقع من ألطف وأجمل بقاع الأرض.

حول الموقع

سام برس