سام برس
هي عاصمة إقليم الأندلس في إسبانيا، أطلق عليها العرب اسم «إشبيلية» ويسميها الإسبان الآن «سيفييا»، واسمها العالمي هو «سيفيل»، وهي رابع أكبر مدينة إسبانية، ويبلغ تعدادها بضواحيها نحو 1.6 مليون نسمة. وتعد «سيفيل» واحدة من أهم المدن السياحية في إسبانيا ويجذب زوارها إليها هذا المزيج التاريخي الفريد للحضارة العربية التي جمعت فيها جهود العرب واليهود والإسبان في مرحلة تقدم وانصهار ثقافي واجتماعي لم يشهد العالم القديم مثلها.
وهناك الكثير من الأسماء المرتبطة بالمدينة من الفولكلور الإسباني مثل شخصيات «دون جوان» و«كارمن» و«فيغارو»، وهي شخصيات روائية رأي مؤلفوها أنها تنتمي لمدينة «سيفيل». كما يمكن للزائر أن يزور مقبرة كريستوفر كولومبوس الذي يقال إنه مدفون فيها، وإن كانت بعض الآراء تنفي ذلك. وتشتهر المدينة بالعمارة التاريخية المرموقة التي ما زال بعضها يحتفظ بخطوط المعمار العربي الأندلسي. وتقع «سيفيل» على مصب نهر غواد الكويفير وكانت مدينة تجارية من الطراز الأول وتخصصت في تصدير المحاصيل الزراعية. حكمها الرومان ثم العرب واحتكرت في فترة تاريخية التجارة مع القارة الأميركية بعد اكتشافها.
وفي القرن التاسع عشر اكتسبت المدينة شهرة بفضل ثقافتها ومعمارها وكانت ممرا تجاريا مهما في أوروبا. ولكنها انطلقت إلى العالمية في عام 1992 بعدما نظمت بنجاح المعرض العالمي الذي استدعى بناء مطار جديد في المدينة بالإضافة إلى محطة قطارات وارتباط بقطار سريع مع مدريد. وما زالت المدينة تتمتع بشوارع وجسور فسيحة وبنية تحتية من الطراز الأول تسهم في جذب السياح عاما بعد عام.
وهي مدينة صاخبة لا يمر شهر عليها من دون تنظيم معرض أو احتفالية، كما تنتشر بها المقاهي والأسواق والنوادي الليلية وتشتهر بالألوان الجريئة والحركة الدائمة. والزائر إلى المدينة يكتشف نظاما جيدا للمواصلات العامة، خصوصا بالحافلات التي تغطي أرجاء المدينة وتسير في مواعيد متقاربة. ويمكن شراء بطاقة يعاد شحنها لركوب المواصلات العامة. كما تعتمد المدينة على الدراجات الهوائية المنتشرة في محطات خاصة ويمكن استعارتها للاستخدام ثم تركها في موقع آخر في المدينة. ويمكن تغطية كل مشاهد المدينة بالدراجة، حيث تمتد الحارات الخاصة بالدراجات فقط في معظم شوارع المدينة.ولتسهيل مهمة السائح تبيع منافذ المدينة ما يسمى «بطاقة سيفيل» التي تتيح لحاملها زيارات مجانية لمعظم متاحف وآثار «سيفيل» وسفر غير محدد على وسائل مواصلاتها السياحية بما في ذلك الحافلات السياحية التي تجوب المدينة والقوارب على نهر غواد الكويفير. وتتيح البطاقة أيضا حسومات في بعض المطاعم ومحلات الهدايا والعروض الترفيهية للكبار والأطفال. والاستثناء الوحيد هو أن البطاقات لا تستخدم على الحافلات العامة والترام. ويستمر استخدام البطاقة من يوم إلى ثلاثة أيام وتبدأ أسعارها من 53 يورو في اليوم الواحد إلى 72 يورو لثلاثة أيام. وهي متاحة على الإنترنت أو من خلال المنافذ السياحية في المدينة أو المطار. وهناك بطاقات أخرى يقتصر استخدامها على المتاحف ولا تشمل وسائل المواصلات.
من أهم المعالم السياحية التي تجذب السياح إلى سيفيل:
* المسجد العظيم الذي تحول إلى كاتدرائية «سيفيل» في القرن الثاني عشر وهو يشهد بعظمة المعمار العربي الإسلامي آنذاك ويرتفع إلى 37 مترا في منتصفه. وتعتبر الكاتدرائية الآن الأكبر حجما في العالم بقياس المساحة الداخلية، وبها قبر كريستوفر كولومبوس. والكثير من الأثريات المحفوظة فيها مطلية بالذهب الخالص. ويعلو المبنى برج «لا جيرلدا» الذي كان بمثابة مئذنة المسجد ويمكن الصعود إليها لتفقد أرجاء المدينة. ويعتبر البرج الآن من أهم معالم «سيفيل».
* القصر الملكي «ريال الكازار»: وشيده في القرن الرابع عشر الأمير بدرو الأول، وهو يتبع المعمار العربي (موريش) وبه غرفة يقال إن التخطيط لرحلة كريستوفر كولومبوس إلى أميركا جرى فيها. ويشاهد الزائر في الغرفة لوحة تحمل اسم وشعار كولومبوس بين الأمراء. وفي الصيف توفر الغرفة ملجأ باردا للزوار من حرارة الشمس في الخارج.
* برج الذهب (توري دو أورو) وهو برج يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر ويقال إن قمته كانت مكسوة بالذهب، ويقع فيه الآن المتحف البحري. وهو مفتوح للزوار بتذاكر قيمتها يورو واحد للطلبة.
* حديقة ماريا لويزا: وبنيت في عام 1929 للاحتفال بإقامة المعرض الأميركي - الإسباني العالمي وهي الآن من معالم المدينة وبها الكثير من الآثار والمتاحف.
* ميدان إسبانيا (بلازا دو إسبانيا): وهو موقع الجناح الإسباني في معرض عام 1929 وفي السنوات الأخيرة استخدم الموقع في تصوير حلقات من مسلسل «حرب النجوم».
* جامعة سيفيل: وكانت في الماضي تستخدم كمصنع تبغ في المدينة. بنيت بين عامي 1728و1771. وكان مصنع التبغ في ذلك العصر أكبر مصنع في إسبانيا، وهو احتكار كان يدر أرباحا عالية تظهر في زخارف مبنى المصنع والحدائق المحيطة به. وتحول المصنع بعد ذلك إلى مسرح استقبل العرض الأول لأوبرا «كارمن» ثم تحول المبنى إلى جامعة في عام 1953.
* قصر ليبريجا: وهو يحتوي على أفضل نماذج الأرضيات الرخامية من نوع الموزايك الروماني في أوروبا وبالقصر الكثير من النوافير والفازات والتماثيل التي لا تقدر بثمن، وفي الطابق الأعلى يمكن زيارة الغرف التي كانت تقيم فيها الكونتيسة صاحبة القصر وكل المقتنيات ما زالت في حالة جيدة، والقصر مليء بالتحف التي تم جمعها من أنحاء العالم.
* الكثير من المتاحف مثل متحف الفنون الجميلة في «بلازا ديل ميوسو» ومتحف العربات التاريخية في «بلازا دي كوبا» ومتحف رقص الفلامنكو الذي أقامته كريستينا هويو في مبنى يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر.
* ويقام في المدينة احتفال شعبي سنوي في شهر أبريل (نيسان) اسمه «فيريا دي أبريل» وهو عبارة عن حفل هائل يعم المدينة بأسرها. ويحصل كل العاملين في المدينة على عطلة لمدة أسبوع كامل ويتم التخطيط له قبله بشهور. ويغطي الكرنفال مساحات كبيرة من المدينة بالقرب من النهر. وتنقسم الاحتفالات إلى قسمين الأول أثناء النهار وفيه يتم استعراض خيول في الشوارع وتلبس النسوة والرجال ملابس فلامنكو تقليدية بألوان مختلفة للنساء وسوداء للرجال. وفي المساء تبدأ الألعاب والعروض ورقصات الفلامنكو وموسيقى الغيتار. وتمتلئ الخيام المقامة للمهرجان بأهل المدينة والزوار على السواء في حفل جماعي للطعام والشراب والموسيقى الصاخبة حتى ساعات الصباح الأولى.
* الحفلات الليلية: تنتشر المقاهي والمطاعم في «سيفيل» بنسبة أعلى منها في أي مدينة أوروبية أخرى وهناك شوارع كاملة بها منافذ سياحية تستمر في العمل طوال الليل. وتتخصص بعض القاعات السياحية في تقديم عروض رقصات الفلامنكو التي تميز المدينة ومنطقة الأندلس في إسبانيا.
* مصارعة الثيران: توجد في «سيفيل» حلبة لمصارعة الثيران، وهي رياضة لا تصلح لجميع الزائرين، حيث بعضهم يعترض من حيث المبدأ على قتل الثور في نهاية العرض. وهي ليست الحلبة الأكبر في إسبانيا ولكنها ذات تاريخ حافل وتعتبر من الأجمل تصميما.
* أسواق «سيفيل»: توفر الأسواق المفتوحة نافذة على حياة أهل المدينة، حيث تباع فيها كل الأغراض المستعملة والفنية والتاريخية. وتصلح زيارة الأسواق الشعبية أثناء عطلة الأحد، حيث تكون معالم ومتاحف المدينة مغلقة.
ويمكن الاستفادة من الوقت أثناء زيارة «سيفيل» بتعلم اللغة الإسبانية أو مبادئ رقص الفلامنكو عبر دورات تبدأ من يوم واحد وتستمر أسابيع. ومن النشاطات السياحية الأخرى جولات في المدينة بصحبة مرشدين من أهل المدينة ورحلات نهرية أو برية على عربات تجرها الخيول في شوارع المدينة.
وتشتهر المدينة بالمشغولات اليدوية وأعمال الخزف التي تقدمها مصانع متعددة في المدينة كما تقدم الكثير من الملبوسات الصيفية من منافذ مثل «زارا» أو قمصان الـ«تي شيرت» السياحية، والملابس الرسمية من محلات «كورت أنغليس» و«بلانكو» و«بيرشكا».
ويمكن للسياح تناول الوجبات الإسبانية الصغيرة التي تشبه المزة، واسمها الإسباني هو «تاباس» وهي تشمل الكثير من أصناف الطعام مثل العجة الإسبانية والزيتون والجبن الأبيض واللحوم والأسماك التي تشمل أيضا الإخطبوط. وهناك الكثير من المطاعم الجيدة التي ترشحها مواقع وشركات السياحة.
وتختلف أسعار الفنادق في «سيفيل» باختلاف الموسم السياحي. ويعتبر البعض أن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) يوفر أكبر قيمة من حيث الأسعار المنخفضة وحرارة الطقس المعتدلة.

نقلا عن الشرق الاوسط

حول الموقع

سام برس