سام برس
من المعروف أن الفنان الإسباني سلفادور دالي هو أهم فنان سريالي في البلاد. مع ذلك، لقد كان أفضل سفير لساحل كتالونيا لأنه جعل العالم يراها؛ خاصة فيغيريس حيث ولد وقضى سنوات كثيرة من عمره. الرابط بين دالي وفيغيريس مهم إلى الحد الذي يستحيل معه أن تزور هذا الجزء من ساحل البحر الأبيض المتوسط دون تخيل شكل سلفادور دالي وزوجته في أي مكان على الشاطئ. وتبدأ رحلتنا بالمنزل الذي ولد فيه سلفادور في فيغيريس والذي يعرف باسم «كازا بويغ» ويحمل رقم 20 بشارع مونتريال. تصميم المبنى من إبداع جوزيف أزيمار على الطراز العصري. في هذا المنزل عاش سلفادور دالي مع أهله وشقيقته حتى عام 1922، فقد غادر في ذلك العام إلى مدريد من أجل الدراسة. ورغم أن المنزل ملك لمجلس المدينة، فإنه لا يمكن زيارته، لكن حتى الوصول إلى الباب وتخيل سلفادور دالي يركض طفلا لهو أمر ساحر. وبالقرب من منزله وجدنا مكانا من أهم الأماكن بالنسبة إلى سلفادور وهو معهد رامون مونتانر. ويعد هذا المركز أول مدرسة ثانوية غير دينية في إسبانيا؛ وتأسس عام 1839 ككلية للإنسانيات على يد جوليان غونزاليز دي سوتو ورحب بالكثير من الكتالونيين بمن فيهم سلفادور. وأصدر الفنان بالاشتراك مع أصدقائه مجلة «ستوديوم» عام 1919. وتم تجديد المبنى، لكن ما زالت الأجواء متأثرة بدير الفرانسيسكان سابقا وبعض المناطق. إنه يوجد في التقاطع بين معهد بلاساديل وكارير مونتانر. وإذا سار الزائر على درب سلفادور دالي، فسيصل إلى «كافيه باريس» الذي يعد واحدا من المقاهي المفضلة له والذي يقع في شارع رامبلا. ويشغل المقهى منزلا قديما لبارون تيراداس، ويشغل هذا المكان حاليا متحف جيوغيت الكتالوني. ويوجد به معرض دائم يخبرنا بالخمسة والعشرين عاما الأولى في حياة سلفادور التي شهدت بداية اهتمامه بالفن، فضلا عن احتوائه على العديد من التذكارات الخاصة به وبأسرته مثل ألبوم صور وألعاب منها الدب الخاص به.
* مقهى أستوريا
* حان الآن وقت تناول شاي أو قهوة، وأفضل مكان لذلك هو اتباع خطوات سلفادور التي تقودنا إلى مقهى «أستوريا». ورغم اختفاء المظلة التي تغطي الشرفة وتحديث التصميم الداخلي للمقهى، فإنه لا يزال يحتفظ بروحه. لقد قضى سلفادور وقتا طويلا هناك حتى إنك تستطيع رؤيته في الأمسيات عندما كان في فيغيريس. هناك عدد لا حصر له من الصور التي لا تزال في مكان جلوسه على إحدى طاولاته. يعد مقهى «أستوريا» مكانا مميزا يمكن من خلاله رؤية رامبلا والتمتع بواحدة من أجمل الأماكن في كتالونيا. مع ذلك، إذا أراد الزائر تناول شيء، فأفضل مكان لذلك هو فندق «دوران» (5 كارير دي لاسوكا). واعتاد سلفادور الإقامة في ذلك الفندق في بلدته قبل أن ينتقل إلى توري غالايت. كان رقم الغرفة التي يقيم فيها عادة هو «101»، بينما كانت زوجته غالا في غرفة «102». على الجانب الآخر، هناك مطعم كان يفضله سلفادور أيضا هو مطعم «كيه لا تيتا» ويعود بناؤه إلى عام 1855 واعتاد الطاهي فيه إعداد الأطباق المفضلة للفنان. من الممكن الآن تناول الطعام بينما تستمتع بمشاهدة بعض لوحات دالي.
* عالم دالي الفني
* إنها لحظة الولوج إلى عالم سلفادور دالي الفني. والبوابة التي تقودنا إلى هذا العالم هي منزل غالا وسلفادور الساحر. عندما تم بناء متحف ومسرح دالي تم تخصيص مساحة حوله لإنشاء متحف خارجي صممه بنفسه دالي. هناك تمثال لفرانسيسك بوجول على جانب، تعلوه إحدى البيضات الذهبية التي تمثل علامة مميزة، وعلى الجانب الآخر هناك تمثال تكريما لنيوتن وثلاثة تماثيل لأنتونين ميرسي تصور مايسنر، ويعد من تماثيل سلفادور المفضلة. ويكتمل المكان بمسلة التلفزيون من إبداع وولف وستر، فضلا عن عدد من التماثيل التي نحتها دالي بنفسه.
آخر محطة في الرحلة داخل فيغيريس دالي هي متحف ومسرح سلفادور دالي. تم بناء أضخم عمل سريالي في العالم على أنقاض مسرح البلدية القديم وبرج غورغوت الذي يعود إلى العصور الوسطى والذي يطلق عليه سلفادور اسم «غالاتيا» تكريما لغالا. وفي داخل المبنى هناك مساحات أشبه بالمتاهة التي يمكن أن تشاهد بها أعمال كثيرة للفنان الكتالوني وكذلك أعمال لأصدقائه والفنانين المعجب بهم. ويمكن للزائر النزول إلى السرداب الذي دفن فيه سلفادور دالي وكذلك زيارة الغرف التي كان يستخدمها في البرج خلال السنوات الأخيرة من حياته. ويبلغ سعر التذكرة العادية 12 يورو ويمكن بها زيارة متحف المجوهرات أيضا.
مع ذلك من المستحيل فهم حياة وأعمال دالي دون زيارة قرية كاداكيس ومنزله بها. وتقع القرية على بعد خمسة كيلومترات من فيغيريس التي وجد فيها الفنان الإسباني مكانه وإلهامه خلال حياته. غادر دالي كاداكيس بعد وفاة زوجته وملهمته غالا. كانت القرية، التي تمتلئ بمنازل الصيادين، هي الملاذ الأساسي للفنان حيث يوجد مرسمه ومحل إقامته. وقد رسم هناك أغلب لوحاته العظيمة. وقامت مؤسسة سلفادور دالي بتحويل منزله هناك إلى متحف يمكن التجول فيه والاستمتاع بالردهات الضيقة والغرف المزدانة بمقتنيات هذا العبقري والنوافذ المطلة على خليج بورت ليغات. كان هذا الخليج، وهو المشهد الذي أحبه دالي لنوره، دائما الصورة التي حاول الفنان الإسباني تصديرها للعالم الخارجي.
على الزائر حجز موعد الزيارة مسبقا لأنه لا يسمح سوى لعدد محدود بدخول عالم دالي الخاص. وبعد هذه الزيارة من الجيد التجول في القرية وشوارعها الضيقة والأماكن الصغيرة بها واختيار مطعم يطل على البحر من أجل التمتع بأصناف المطبخ الكتالوني. ستكون هذه أفضل محطة تنهي بها الجولة.

نقلا عن الشرق الاوسط

حول الموقع

سام برس