بقلم / طه العامري
..( 1 )

تبدو الأزمة اليمنية وبرغم كونها من البداية تمثل أزمة صراع( ذاتي)بين فرقاء المشهد السياسي( سلطة ومعارضة_ وجهاء ومتنفذين ومعهم كارتل اقتصادي) وكل هولاء صادروا إرادة المواطن وتقاسموا_مجازا_ حقيقة السيادة الوطنية التي جيروها وغدت تعني عمليا سيادتهم تماما كما تم اختزال الوطن بكل تعبيراته وحقائقه ليصبح الوطن بدوره يعني في تداعيات الأحداث مصالح أطراف الصراع بمعزل عن المصلحة الوطنية الجمعية بما تحمل من مفاهيم وحقائق وتراث فكري وانتماء..!!

أقول تبدوا أزمتنا بكل تداعياتها الداخلية_ المؤلمة_ وتبعاتها الإقليمية وصداها الدولي ، قد غدت خارج نطاق( السيطرة الذاتية) لاطرافها الذين ارتبطوا بدورهم بقنوات إقليمية ودولية فرضتها مسارات الأزمة منذ الوهلة الأولى التي تحولت فيها_ مجازا_ثورة الشباب أو ثورة الشعب كما يحلوا للبعض التمسك بهذا المسمى المجازي للحدث ، أقول تحولت هذه( الثورة) إلى أزمة وفق توصيف أطلقه المبعوث الدولي السابق جمال بن عمر..تلك الأزمة التي اكتسبت أسمها من تخندق رموز النظام والسلطة كل في اتجاه لنشهد ولاول مرة انهيار منظومة السلطة التي تقاطعت مصالحها طيلة قرابة أربعة عقود لكنها في الأخير تنافرة وتفرقت مكوناتها الاعتبارية نزولا عند حقائق ومعطيات وتعبيرا عن طموحات ترسخت في وجدان هذه الرموز وتطلعات نمت في ذاكرتهم ودفعت كل طرف إلى قناعة يقينية بقدرته في الاستحواذ والسيطرة والديمومة دون بقية الشركاء انطلاقا من قناعة وهمية تجسدت في سلوكيات هولاء الرموز الذين تصور كل واحد منهم بأنه وبما يملك من قوة ونفوذ وثروة وحظور شعبي وعلاقة وجاهية قادر على حسم الصراع والسيطرة والتمكين وبالتالي التخلص من منافسيه وخصومه بحكم هذه العوامل والمقومات التي يمتلكها..!!

برزت هذه القناعات لدى شركاء السلطة في لحظة مخاض تفاعلي خيم على الخارطتين الإقليمية والدولية وهو المخاض الذي لم تستوعب تبعاته قوى الهيمنة والنفوذ في الداخل الوطني ممن نسجوا علاقة( هشة) مع واقعهم ومع محيطهم الإقليمي وكذا مع المجتمع الدولي حيث لم يتمكن كل أطراف من بناء قواعد داخلية أو خارجية قادرة على حمل طموحاتهم وايصالهم إلى حيث يرغبون..!!

وعليه فأن الأزمة التي فشلت كل سبل وطرق معالجتها داخليا بالحوار والتفاهم الذاتي ثم اخفقوا في التوصل لحلول وتوافق عبر حوار تم برعاية إقليمية ودولية ، لينتهي المطاف بعدوان غير مسبوق وغير مبرر ولايستند لأي قواعد قانونية أو شرعية بما في ذلك مبرر الدفاع عن( الشرعية)وهو مبرر فضفاض لاقيمة له في سياق المبررات المقبولة ، لآن لاقيمة لأي شرعية تنصر فيئة من الشعب والرموز ضد فيئة تمثل غالبية أو حتى أقلية لان في النهاية تدمرة قدرات وإمكانية شعب بغض النظر أن كان مع أو ضد الشرعية لان الخلاف على السلطة لايحل عبر العدوان العسكري من أي جهة كان وتحت أي ذريعة يكون ، غير أن الحالة اليمنية وهي حالة تمثل في أبعادها ومسارها وتداعياتها حالة استثنائية بما في ذلك العدوان الخارجي الذي لم يكون قطعا تعبيرا عن فشل الحوار وانهيار اتفاقية السلم والشراكة ولاهوا ايظا رد فعل على سلطة الأمر الواقع أو( الانقلابيين)..!!
كما أن هذا العدوان لم يأتي لنصرة ( الشرعية المزعومة)..؟!!

بل أن العدوان هو حصيلة لدرامية أزمة تم توجيه مساراتها باتجاه حدوث( العدوان) الذي ساهمت في حدوثه عوامل داخلية وخارجية تلبية لرغبة قديمة_ متجددة تحتل مكانها في أجندة( الكارتل) المحرك للأحداث الإقليمية والدولية وتحديد مساراتها وأدواتها وحتى اختيار رموزها..!!

بيد أن أزمة اليمن اليوم غدت جزءا من حسابات محورية إقليمية ودولية ولم تعد مفاتيح حلها وأن توافقيا بيد أطرافها المحليين الذين الذين يلعبون اليوم مجتمعين_ دور الكومبارس_ في مسرحية درامية دامية ، أيا كانت طروحات وتفسيرات أطرافها المحليين وخطابهم عنها فأن في النهاية هذا الخطاب لايؤخذ به على طاولات محاور النفوذ الذين بيدهم مصير البلاد والعباد فيما كل ما يكيله أطراف الأزمة ويسوقوه في خطابهم ليس أكثر من تحفيز وتنشيط همم أتباعهم في الداخل ومناصريهم والحفاظ على معنويات هولاء الاتباع والمناصرين ليس إلا..لان كل ما نتابعه عبر وسائل الإعلام المختلفة عن مسار الأزمة وتفاصيلها ومواقف أطرافها يختلف اختلاف جذري عن حقيقة ما يدور وراء الكواليس وما تتجه إليه تداعيات الأزمة ونتائجها..؟!!

ما حملته جلسة( مجلس الأمن اليوم) لايتسق مع حقائق الأزمة ومواقف اطرافها فقد تابعنا خطابات( التحريض) وخطابات التهم التي توحي بأن من يلقي هذه الخطابات مجرد كومبارس ليس إلا يلقي كلمة مكتوبة لايعرف من كتبها..!!

إذا هذا يجعلنا نقف أمام مفردات خطاب المبعوث الدولي والتأمل في ما بين السطور ومقارنتها بكلمات ومواقف صناع القرار الدولي داخل أروقة مجلس الأمن الدولي على اعتبار أن مجلس الأمن الدولي مخول في التدخل لفرض السكينة والاستقرار في أي دولة تسقط فيها المؤسسات الشرعية وتسيطر عليها جماعات مسلحة..!!
يتبع..

حول الموقع

سام برس