بقلم / طه العامري
يتميز( الجندي _ عبده محمد) بشخصية مركبة و( كارزمية) معقدة تجعله يبدوا لمن يجالسه للوهلة الأولى وكأنه( مثالي ) الهوية والسلوك ، غير أن تصرفاته سرعان ما تظهره وكأنه( كوميدي) الخطاب( وتراجيدي) السلوك والتصرفات، ويعيش حالة( سكوباتية) قاتلة للذات والمحيط..!!

بمعنى أن المتأمل والمتابع لخطاب الرجل ومواقفه وتصرفاته سيجده حامل لشخصية( كارزمية) مركبة ومعقدة في آن..فهوا( مثقف) موسوعي لاغبار عليه ، ورجل حملته ثقافته إلى تأليف سلسلة كتب نقد فيها( المادية الجدلية) عند ( ماركس) وهذه الموسوعة لم يكتب لها أن ترى النور حتى اللحظة لعجزه كما يقول عن طباعتها رغم توليه مناصب عدة وقربه من مراكز صناعة القرار والتأثير وعلاقته الحميمية مع رموز النظام السابق وفي مقدمتهم رأس النظام ذاته الرئيس السابق..!!

الجندي نجح في عدة مهام أوكلت إليه من قبل نظام( صالح) بدءا من عمله كوكيل لوزارة الشئون الاجتماعية مرورا بعمله كعضو في اللجنة العليا للانتخابات،ثم عمله كنائب لوزير الإعلام ، وصولا لعمله خلال الأزمة كناطق بأسم المؤتمر وحلفائه وفي هذه الوظيفة التي قام بها الرجل بجدارة وحقق فيها نجاحا متميزا بقدرته على تلطيف مسارات الحوار والأزمة وخلق حالة تفاعل اجتماعي من خلال مؤتمراته الصحفية التي تميز بها بطروحات شكلت بصورة أو بأخرى قناة للتنفيس الاحتقانات واستطاع خلالها أن يزرع إبتسامات في الوجوه الغاضبة لاطراف الأزمة بما فيهم خصوم( صالح) وكانت معرفة وعلاقة( الجندي) بكل أطراف الصراع والأزمة عامل مساعد لنجاحه في المهمة التي أوكلت له من قبل المؤتمر وحلفائه ومن قبل رئيس المؤتمر الذي قطعا شعر في الغالب بإرتياح من أداء( صديقه وأحد مستشاريه المقربين الجندي)..!!

لكن بين العمل الإعلامي والمهمام الفنية التي قام بها (الجندي) وبين العمل الميداني الذي أوكل للرجل كمحافظ لمحافظة تعز بما تحمل وتعيش هذه المحافظة من تناقضات مرعبة وتنافر يصل حد الجحود والقطيعة بين مكوناتها الاجتماعية في لحظة تاريخية تعيش فيها المحافظة حالة إنقسام وتمزق اجتماعي وحرب طاحنة ودماء تنزف وأحقاد تعبر عن ذاتها في حالة إستماتة أطرافها ورغبة كل طرف في إلغاء الأخر بل وسحقه ، في هذا المناخ وضع( الجندي)من خلال تعينه كمحافظ على فوهة بركان هو أعجز من أن يتخطيه أو يحقق نجاحا يذكر في التخفيف من ثوران هذا البركان ناهيكم عن إخماده وهي مهمة مستحيلة لايقوى عليها( الجندي) الذي لن يكون إلا رقم من أرقام ضحايا البركان التعزي المتأجج..!!

كثيرة هي الأسباب التي تؤكد وتبرر مقدما فشل( الجندي) في تحقيق أي نجاح يذكر من خلال منصبه كمحافظ وأن على جزءا مطيعا من المحافظة المجبولة بكل ثقافة الجدل الاجتماعي والفكري والرغبات والنوازع السياسية ، لانعدام القدرة القيادية وغياب الكارزمية القيادية لدى( الجندي) الذي لايتمتع بصفات قيادية شجاعة تجعله صانع قرار وفاعل في إدارة وتنفيذ مهام قيادية..فالرجل نجح في مهام أوكلت له لم يكون فيها( الرجل الأول ولاصاحب القرار القيادي الأول)لهذا نجح في مهام سابقة لكنه أخفق وبجدارة ومن اللحظة الأولى لتوليه مهام( المحافظ في تعز) وبرز فشله بدءا من طريقة تعامله مع هذا المنصب ومن خلال اختيار طاقم مكتبه وسكرتاريته إلى طريقة تعامله مع قيادة السلطة المحلية وقيادات المراكز الخدمية في المحافظة والواقعة تحت سيطرة سلطته..!!

أن( الجندي) قد يكون مثقفا يبهر كل من يستمع إليه ، لكنه لم يكون يوما رجلا قياديا ولم يتحلى يوما بصفة الرجل القيادي الأول في أي مرفق أيا كان ومهما كان ، بدليل أن الرجل فشل أن يكون صاحب قرار وموقف وقائد ناجح في( حزبه المتواضع)والذي فشل في إدارته وتسببت إدارته الفاشلة في ضياع الذي بدأ جماهيريا وفيه النخبه من أبرز الشخصيات الناصرية وانتهى به المطاف إلى حصوله على عضوية( أحزاب أبو نفر)..!!

إذا( الجندي) لاينجح في أي مهمة تؤكل إليه يكون فيها الرجل القيادي الأول لانه لايتمتع بالشخصية القيادية ومواصفاتها ولايمتلك كارزمية قيادية تؤهله لادارة أي مرفق يكون فيه الرجل الأول..؟!!

في تعز خسر( الجندي)كثيرا منذ تولى مهمته كمحافظ على أجزاء من المحافظة ، خسر معنويا واعتباريا ووجاهيا وخسر اجتماعيا ، نعم قد يكون حقق مكاسب( مادية) لكنه قطعا خسر أكثر مما يمكن أن يكون قد كسبه( ماديا) ..وأسوأ وأكبر خسارة خسرها فعلا( الجندي) هي علاقة اجتماعية كان قد نسجها طيلة تاريخه ومساره الاجتماعي ، كما خسر سمعة ومكانة وثقة افتقدها حين جعل من المنصب( غاية ومغنم)أو حتى من خلال أنقياده وتبعيته( لحاشية انتهازية وبطانة فاسدة) ناهيكم عن تبعيته لاشخاص يحملوا نوايا خبيثة ليس لتعز وأهلها بل ( للجندي ) ذاته ولمن ساهم بإيصاله إلى هذا المنصب الذي هو أكبر منه ، لان ثقافة( الجندي)شيء والقيادة شيء أخر ..؟!!

أن كارزمية( الجندي) المركبة والمعقدة أفقدته الكثير من المكاسب الاعتبارية والمعنوية التي حققها طيلة سنوات نشاطه السياسي العام..على خلفية فشله المريع في القيام بمهامه كمحافظ على أجزاء من محافظة تعز ، وبعيدا عن البهرجة الإعلامية والنشاطات المحدودة التي قام بها والتي كان يفترض أن لايكون هو من يقوم بها بل يكلف من الوكلاء والمختصين من يقوم بها ، باعتبارها من اختصاص هولاء الوكلاء أو تلك الجهات ، حتى أن من العيب أن نرى المحافظ يعامل على حصص النفط والغاز وهو عمل يفترض أن يكلف به أحد الوكلاء ومعه مسئول الجهة المختصة في المحافظة ، ويفترض أن المحافظ وفي ظل الأوضاع التي تمر بها المحافظة أن يعمل وبوتيرة عالية وينشغل حتى الثمالة بفتح قنوات الاتصال والتواصل مع كل فرقاء الصراع من أبناء المحافظة ومع كل الوجهاء وينشغل في مساعي رآب الصدع عبر فتح قنوات للحوار بين أبناء المحافظة ويجسد في كل تصرفاته ومواقفه حرصه على تحقيق السكينة والاستقرار الاجتماعي في المحافظة وبين أبنائها وأن يعبر لكل الأطراف المتناحرة عن رؤيته الموحدة وحرصه على وقف النزيف في المحافظة بين أبنائها ، ويبدأ بسياسة حسن النية عبر التعامل المسئول مع المعتقلين وأستخدامهم كورقة للسلم الاجتماعي وسفراء لدى أطراف الصراع يمهدوا لعلاقة متبادلة ولمد جسور الثقة ويحشد معه في هذا الاتجاه كل الوجهاء والأعيان والشخصيات الاجتماعية والوجاهات والنشطاء ورجال المال والأعمال ، وفق خطة شاملة تعيد مد جسور الثقة بين فرقاء الصراع المحليين ، وقد لايكون المطلوب إنهاء ما يصعب الانتهاء منه في المحافظة على خلفية العوامل الخارجية ، بل سيكون قد حقق نجاحا ملفتا لو عمل على تخفيف حدة الخطاب العدائي السائدة بين أبناء المحافظة وأن في حدود إيجاد نافذة جادة بين المتناحرين تتيح لهم فرصة التخفيف من معاناة الناس وتقليص نسبة الخوف والقلق التي تستوطنهم..!!

كان الأولى ب( الجندي) وتعز بحالتها الراهنة أن لايفكر بقرارات التعينات والترشيحات والخوض في معركة إقالة مدير وتعين أخر وترك هذا المجال مغلقا لان في تعز ما هو أهم من كل هذا.. كان عليه الاستعانة برموز ووجهاء تعز وهم من رموز السلطة المحلية والعمل معهم بجد ومسئولية لاخراج تعز مما هي فيه بدلا عن إبعادهم واستبدالهم بأشخاص يبحثون عن مصالحهم الشخصية وأن على حساب دماء أبناء تعز ومعاناتهم..

كان يفترض بالجندي أن يدرك ومنذ لحظة تعينه إنه مسئول عن حياة ومعاناة كل أبناء تعز وفي كلا الاتجاهين وبالتالي فأن كل قطرة دم تسقط في هذه المحافظة هو مسئول عنها أمام الله والتاريخ وخاصة تلك الدماء التي زهقت خلال ضرب طيران العدو لمقرات الشرطة واقسامها وللسجون والمعتقلات الغير شرعية التي فرضتها الأحداث ..

كان المفترض على( الجندي) أن يكون عند مستوى المسئولية في زمان استثنائي الناس فيه يبحثون عن خلاص وسلامة للأرواح لا عن وظائف ومناصب وأراضي ومغانم.. كان عليه أن يقدم نموذجا راقيا للمسئولية وأن يعمل أول ما يجب عمله هو ترك أولاده وأقربائه بعيدين عن دائرة الفعل والتأثير وصناعة القرار.. نعم من حقه أن يعتمد على أولاده وأقربائه في حمايته ومرافقته ، ويمكن التشاور معهم وأخذ ارائهم ولكن بعيدا عن دائرة القرار الذي يجب أن يكون قراره إحتراما لكل طروحات( الجندي)التي سمعناها وتابعناها خلال عمله كناطق إعلامي للمؤتمر وحلفائه خلال فترة الأزمة ، وجميعنا لايزل يتذكر عباراته الشهيره وهو ينتقد( عبد ربه)على دور أبنه( جلال) ( ياااااا رئيس عبد ربه شوووف جلال أنا عند الله وعندك نحن انتخبناك أنت رئيسنا وليس جلال الناس تشكوا من جلال وتدخلات جلال..)!!

تلك كانت عبارة كثيرة ما اطلقها( الجندي)خلال مؤتمراته الصحفيه منتقدا دور نجل هادي وتصرفاته.. فماذا جرى ويجري اليوم يا( جندي)..؟ وماذا نقول ويقول الناس اليوم.. ؟!!!
لقد كان يفترض بالجندي أن يقوم بمهام قيادية استثنائية منذ لحظة تعينه محافظا لتعز ، لكنه للأسف لم يكون يمتلك القدرة لتأدية هذا الدور وبالتالي أنجرف وراء طقوسات بروتكولية سائدة وروتين يومي عبثي وتصرف تصرفات وكأن تعز لاشيء فيها ، وكأن الموت ورائحة الدم والخراب والحصار والجوع والتشرد مجرد حكايات في رواية( سريالية ) ترفية..!!

حول الموقع

سام برس