بقلم / عبدالكريم المدي
من لم يحسّ بالأوضاع المأساوية التي أعيت الناس في اليمن وكيف غدت حياتهم جنائزية ،متوترة،مشحونة بالمخاوف من الموت إما جوعاً أو قتلاً أو مرضاً،رفض الخطة التي تقدّم بها مؤخرا المندوب الأممي السيد إسماعيل ولد الشيخ ولا مشكلة لديه من رفض أي خطة قادمة .

ومن لا يهمه وحدة اليمنيين الجغرافية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية رفض تلك الخطة وسيصرّ على المضي قُدماً بالجميع نحو الانتحار المقدس.

ومن يهمه أن تظل اليمن حديقة خلفية وجمهورية موز ومنجا ومشائخ تابعين له، رفض الخطة وقال أمس وسيقول الغد للمعنيين أرفضوها وارفضوا إستقبال من يحمل هذه الأفكار أو الحلول.

الأحداث إلى اليوم علمتا بأن كل من لا يهتم بحقيقة أن (15) مليون يمني يعانون من إنعدام الأمن الغذائي و(7) مليون آخرين من الإنعدام الحاد للأمن الغذائي، فيما (9) محافظات من أصل (13) محافظة،تعيش في مرحلة الأزمة الخانقة ، و(10) أخرى في حالةالطوارىء التي تعني أنه لم يعد يفصلها إلا خطوة واحدةعن المجاعة، من لايهتم بهذه الأشياء أكيد لن يرحّب بخطط السلام، حتى وإن جاءته مصحوبة بأخبارطازجة تقول مثلا، إن طلاب وطالبات مدارس العاصمة صنعاء يُغمى على المئات منهم كل يوم إبتداء من طابورالصباح وحتى الحصة السابعة ،مسلسلات ومشاهد تساقطهم لعلى الأرض في ساحات وفصول مدارسهم لا تتوقف، لسبب واحد طبعا، هو ،عدم تناولهم للأكل منذُ ساعات طويلة وربما أيام.

أمر مؤسف القول :وسيرفض الانخراط الحقيقي في السلام كل من ينظر للمأساة الفظيعة لهذا الشعب على أنها مصدر للإثراءالسريع ومواصلة الارتزاق والنهب والتكسب والمتاجرة بالدماء، ولعل هذه العينات من الناس (أصحاب المصالح الشخصية )، هم الذين سيظلون حاضرين دائما لقطع الطريق أمام أي حلول تضع حدا للعدان الخارجي والاحتراب الداخلي.

الذي نعرفه حيال أي أفكار تُقدم لرفع كارثة ما على شعب كالشعب اليمني،بأنها تُناقش ولا تُقابل بالرفض الجاهز والعنترة وإحتكار الحقيقة المطلقة،على حساب ملايين البشر الذين ليس من المقبول ولامن المعقول أن يكون مصيرهم ومعاناتهم مرهونين برضا ومصلحة دولة معينة أوشخص معين أوفئة أو جماعة معينتين،لأن مستقبل البلدان وحياة الشعوب لا يجب أن يُلعب بها بهذه الطريقة.

من الواضح أن السعودية التي شاركت مع الرباعية المكونة من ( الرياض – أبوظبي – لندن – واشنطن ) مضاف إليها الأمم المتحدة ،في صياغة الخطة الأخيرة، ليست راضية عنها لأنهاربما لم تتمكن من تمرير كل ما كانت تريده ،لهذا لجأت للخطة (ب) ،الإيعاز لهادي برفضها،أما السبب المباشر في ذلك ،فيتمثل في أنها،وفي حال نُفّذت الخطة بالفعل، وسلم هادي صلاحياته وتم تشكيل حكومة توافقية، فإن هذه الحكومة لن تتمكن فيما بعد من دعوة( الشقيقة الكبرى) للقيام بواجبها ( شنّ عاصفة جديدة)، على غرارالتي تعيشها اليمن منذُ (19) شهرا.
هل فهتم – إذن ) سرّ الرفض بالوكالة لخطة السلام الأخيرة؟ نعتقدُ معظم الناس فاهمين ، لهذا بلاش مغالطات وتذاكي وإيهام الجميع بأن حكومة المنفى في الرياض هي من قررت، وهي من تخاف على مستقبل اليمن وتخشى من أن يؤدي تنفيذ الخطة – حسب ما أدعت – إلى حرب أهلية .

عيب عليكم – ياجماعة – تستهترون بعقول الناس إلى هذا الحد ،عن أي حرب أهلية تتحدثون ، اليمن صارت مقبرة جماعية، ممزقة شر ممزق، أكثر من (160) طائرة حربية من الإف (16) لا تتوقف ساعة عن الضجيج في سماء البلاد تضرب كل شيء يتحرك وكل شيء ما يزال واقفا على الأرض ،اليمن غدت بين مطرقة العدوان والإحتلال الخارجي وسندان الإرهاب والفوضى و الحرب الأهلية الطاحنة.

اليمن منذُ عامين بدون دولة وبدون مؤسسات وحكومة ودستوروقانون،عن أي حرب أهلية تحذرون، وعن أي شرعية تتحدثون، وعن أي مستقبل تريدون إقناعنا بأنكم ومعكم السعودية تستشرفونه لهذا الشعب ؟

السلام يريد قيادات ورجالات شجعان وليس مترددين ،مرتعشين ،قرارهم ليس بيدهم، ونُخاطب هنا الجميع دون استثناء،الكل مطالب بتقديم تنازلات حقيقية، بعيدا عن تصنُّع الأعذاروالمكابرة ومحاولات كسر الإردات والإعتقاد بأحقية الحكم ،كل هذه الأوهام والأشياء غير قابلة للبقاء، ولا يُمكن لها أن تُتنتج سلاما واستقرارا.
*نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس