بقلم / محمود كامل الكومى
قمة السادية..فى اِعلان تريزا ماى (رئيسة وزراء بريطانيا) الأحتفال بمرور قرن من الزمان على وعد بلفور المشؤوم والعار ,الصادر من وزير خارجية بريطانيا فى 2 نوفمبر 1917, بمنح اليهود وطن على أرض فلسطين العربية لاِقامة دولة دينية عنصرية صهيونية , ليدشن لمأساة فاقت المأساة الأغريقية , وتفردت على مر العصور –لتفضح قيم الأستعمار الفاشية والنازية التى تتحدى الأنسانية وتغير ديموجرافيا
الأوطان وتشرد الشعوب ,خاصة شعبنا الفلسطينى .

ضوء أخضر من "أرثر بلفور"وزير خارجية بريطانيا الأستعمارى الحقير ,فى تعبير عن حكومة صاحب الجلاله لعصابات الحركات الصهيونية المسلحة الهاجانا والأرغون والستيرن غانغ,  لتعيث فساداً فى الأرض, تحرق بيوت الفلسطينين وتدمر قراهم ومدنهم وتطمس معالمها العربية وتعتدى على حرمة المقدسات الدينية ,وتجبر أهلها على التهجير قصرا الى خارج الوطن الفلسطينى والى معسكرات ومخيمات فى الداخل ,فتسلبه منهم ليحط المستوطنون الصهاينة على أرضه من شتات العالم , ويهاجرأهل الوطن السليب الى بقاع العالم دون مأوى سوى مخيمات تهجير هنا وهناك , فى مأساة دراماتيكيه هى مأساة القرن بكل تأكيد , ومما يزيد المأساة دراما أن بلفورلم يقصر وعده على إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي واِنما أكد على أن حكومة صاحب الجلالة  ستبذل أقصى جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية, بديناميكية تتجاوز القول والوعد الى الفعل الأستيطانى حتى يتحقق الحلم الصهيونى , على حساب الوطن والشعب الفلسطينى لتنسج مأساته من هذا اليوم الى يومنا هذا, فتدشن لقرن على جريمة من لايملك الى من لايستحق.

فى أحتفال "تيريزاماى", من الوقاحة والعداء للأنسانية , بتلاقى الأستعمار القديم (ممثلا فى وعد بلفور)مع الأستعمار الحديث ,حين تجسد "ماى"قمة العنصرية والتباهى بالقيم الأستعمارية البغيضة بالأحتفال بمأساة الشعب الفلسطينى وأقامة الأفراح ودعوة"نتنياهو" للرقص على جثث الأطفال الأبرياء من أهل الوطن السليب , وهو تجسيد حى لتشجيع وتعظيم الأرهاب الأسرائيلى ضد من بقى من أهل فلسطين , وتبرير نازى وفاشى لعصابات نتنياهو التى تقتل الأطفال والشيوخ وتبقر الحوامل من اهل فلسطين , وتفتح معسكرات الأعتقال لأسرِ كل شباب فلسطين , وتحيل المناطق العربية الى معسكركبير لحصار الشعب الفلسطينى وتجويعه , ضاربة عرض الحائط بكل القيم الأنسانية ,لتكشف عن تجارة الغرب الأستعمارى الأمريكى ,بحقوق الأنسان والحريات وتقرير المصير .

لم يكن لتأنيب الذات ولا للتكفير عن سيئات بلفور وحكومة صاحب الجلاله - بما اقترفاه من ذنب وجريمة بأصدار الوعد المشؤوم فى 2نوفمبر 2017بوطن قومى لعصابات الصهاينة فى فلسطين وتهجير الفلسطنيين الى الفضاء (الخارجى أو الداخلى ) لتتلاشى عروبتهم وتمحى فلسطينيتهم – من معنى والنظام الرسمى العربى قد صار فى أحضان تل ابيب ,تُسَيل لعابة المومس الشمطاء(ممثله فى كل وزراء أسرائيل أبتداء من بيجين حتى نتنياهو)لتغرية فينقاد الى غريزته الحيوانية , ليخلع ملابسة ويصير " بلبوص"فتصورهُ المومس الشمطاء عارياً وتهدده بنشر صورِه الى الفضاء العربى ,فيطأطأ الرأس وينقاد الى العمالة للصهيونية حتى النخاع , ومن هنا لاحت كامب ديفيد فى الأفق وصار السادات عاريا أمام بيجين وقدم كل التنازلات , وصارت "أسلو " نموذج لخيانة بعض فلسطينيى الدار,ووادى عربه بدت تتويج لعمالة التاج الهاشمى فى الأردن , وبدى حكام الخليج وخاصة آل سعود أول من مهد لطريق البَغاء مع المومس الشمطاء منذ عدائهم لجمال عبد الناصر , ومقاومة مشروعه القومى والوحدوى من اجل فلسطين عربية ,فخلع ملوك وأمراء الخليج تباعا عباءاتهم وساروا الى تل أبيب جهارا نهارا تنفيذا لأوامر "العم سام" واِلا كُشف النقاب عن عوراتهم , ولذلك تشجعت "تيريزا ماى" على الأعلان فى صفاقة ودعارة عن أحتفالها بمرور قرن من الزمان على وعد بلفور , فلامجال لتأنيب الضمير ولا لجلد الذات على جريمة بريطانيا النكراء تجاه شعبنا الفلسطينى طالما حكام الدار العربية قد رضخوا لأحضان المموس الشمطاء الصهيونية , وليلبى زعيم التتار النازى الجديد "نتنياهو"دعوة "تيريزا ماى "العنصرية السادية بنخب كاسات دماء الأبرياء من شعبنا الفلسطينى وطرقعة الأقداح على أنغام موسيقى الشيطان عدو الأنسان اللدود.

قرن من الزمان على وعد "ارثر بلفور" المشؤوم الذى بوعده ازاح عن الأمبراطورية شر الصهاينة المستطير فهو العالم ببواطن الأمور , ماذا يضمرهؤلاء المستوطنين حين يحطون فى أى مكان؟ , فلايأمنون لأنهم من الجحر يَلدِغون , وقدهاجم "بلفور" اليهود المهاجرين إلى بريطانيا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده,لذلك فهو بوعده المشؤوم قد أستأصل السرطان الصهيونى من الجسد البريطانى وزرعه فى الجسد الفلسطينى , ولم يستكين لذلك بل خضب وحكومته الوطن السليب بدماء الأبرياء وترويج المؤامرات واشعال الحروب  لينتشر سرطان الصهاينة  فى الجسد العربى حتى تقود أسرائيل وتحقق حلمها من النيل الى الفرات – وهذا هو المغزى من دعوة رئيسة وزراء بريطانيا ل"نتنياهو" للأحتفال بمرور قرن على وعد بلفور الذى حقق حلم الصهاينه بوطن على أرض فلسطين , فلا أقل " من تيريزا ماى" أن يذكرها التاريخ بالعار وهى تدشن لحلم أكبر يبغى التهام الضفة وغزة والتجاوز الى آفاق الحلم الكبير بأسرائيل الكبرى من النيل للفرات ,ليُطَوَر وعد بلفور الى وعد "ماى",الذى يظلله أحتضان من النظام الرسمى العربى , وتماهى المليارات التى تدفق على بريطانيا وأمريكا من حكام قطر والبحرين والأمارات والسعوديه ,ورسلهم العارية التى تفتح الطريق بين عواصمهم والمومس الشمطاء ب تل أبيب , وقد مهدت لهذا الوعد معاهدات الخيانة بين السادات وأسرائيل , وأسلو وودادى عربة ,ومازال من الحكام العرب من يخاطب ود أسرائيل بأعلانه أن أمن المواطن الأسرائيلى فوق أمن بلده العربى , ومن هنا فاعت أسرائيل وتعالت تيريزا ماى وتغاضت عن تأنيب الذات البريطانية وتقديم الأعتذار على الأقل عن وعد بلفور , ومارست ساديتها- فى ظل بلاهة النظام الرسمى العربى وتفريطه فى فلسطين - فأعلنت عن الفرح والأحتفال بمرور قرن على وعد بلفور بالحلم الصهيونى وتدشين قرن جديد يُأصل لوعد "ماى"بحلم أسرائيل الكبرى .

حين رفع الزعيم "جمال عبد الناصر لاءاته الثلاث (لاصلح , لاتفاوض , لاأعتراف ), لم تكن شعارات جوفاء ,لكن كانت على اِدراك تام ورؤية ثاقبة مفاداها أن الصراع  العربى مع العدو الصهيونى هو صراع وجود وليس صراع حدود ,- فكان نضاله ضد الأستعمار خاصة البريطانى والفرنسى بكل اشكاله وضد الأمبريالية الأمريكية وضد الرجعية العربية يمثلها كل ملوك وأمراء العرب وأذنابهم من عملاء الأستعمار-, لأدراكه الكامل أن كل هؤلاء هم من يضخون فى  الكيان الأسرائيلى الدماء والحياة لكى يكبر وينتفخ ويحقق أهدافه الأستيطانية بأنتشار خلاياه السرطانية فى كل المنطقه العربية ليتمدد ويسود ويبقى الوطن العربى سوق رائج لمنتجات الغرب الأمريكى فيفقد أستقلاله ويُكبل بالتبعية على الدوام  .

لذلك كان الهدف الأستراتيجى لقوى الاستعمار والرجعية العربية والصهيونية بالأساس ,هو القضاء على جمال عبد الناصر حياً ثم ميتاً,
ومن هنا نفهم سر الحملات المتتالية لأغتيال "الزعيم جمال عبد الناصر فى قبره منذ كامب ديفيد الى الآن .

حين يسدل الستار مع سدول ليل يوم 2نوفمبر 2017 عن قرن على وعد بلفور المشؤوم ,وصباح أسود على أفراح "ماى" ونتنياهو وحكام الرجعية العربية المحافظين على أمن اسرائيل والمفرطين فى الأمن القومى العربى , سينبلج الأصباح عن المقاومة الشعبية  التى تستلهم روح جمال عبد الناصر متمسكين بثوابته بأن الصراع العربى الصهيونى صراع وجود ,ومتخذين من الأحتقال بمرور قرن على ميلاده(15يناير 2018)جذوة من نضال فى مجابهة مرور قرن على وعد بلفور العار تحرقه وتزيله الى مزبلة التاريخ الأنسانى – ومن روح صلاح الدين الأيوبى وكفاحه لتحرير بيت المقدس نورونار ,ومن كل شهداء المقاومة الفلسطينية أبتداء من عز الدين القسام (مقاوم الأنجليز على ارض فلسطين)حتى أخر مقاوم للأحتلال الصهيونى وقطعان المستوطنين على أرض فلسطين ,وأرواح شهداء المقاومة اللبنانية من اجل تحرير فلسطين ابتداء من عماد مغنية وأبنه الى سمير القنطار وقافلة الشهداء طريقا لتحرير فلسطين.

ومن الوعد المشؤوم الى النكبه ... الى محاولات  تفكيك ديموجرافيا الدول العربية والقضاء على جيوشها بالأرهاب المُصنع صهيونيا وأمريكيا وبريطانيا والممول خليجيا من اجل أن تحقق أسرائيل حلمها بالتفرد بالأمة العربية ... يبقى أن استلهام الدروس والعِبر من النكبات والانتكاسات , ضروره لأعادة الحياة من جديد , فيا شعبنا العربى أنت القائد والمعلم والخالد أبداً قالها عبد الناصر وفَعَلَها , فهيا توحدوا من المحيط الى الخليج ولاتستكينوا لحكام التطبيع , وأقطعوا كل يد تمتد لأسرائيل ,وضخوا دمائكم فى عروق المقاومة الشعبية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية فهيكل المقاومة فيهما حديد لاينتظر سوى تأيدكم وتشكيل مقاومين على الغرار والدوام تناضل ضد عصابات الصهاينة فى فلسطين , فهبوا اعيدوا امجاد الثورة العربية من جديد ... وانها لثورة حتى النصر على أسرائيل .
وأننا لعائدون ..

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس