سام برس
يزداد الإقبال على سياحة التجميل وتتخصص الدول الآن، كل في نوع معين من عمليات التجميل. ويزداد الإقبال النسائي، وخصوصا على هذه العمليات بناء على توصيات سياح آخرين قاموا بالتجربة وليس بناء على كفاءات أو مؤهلات الأطباء الذين يقومون بهذه العمليات.
وآخر الأبحاث الأكاديمية التي أجريت على هذه الظاهرة كانت من جامعة ليدز تحت إشراف الدكتورة روث هوليداي وفريقها البحثي، وكانت مفاجأة للفريق أن معظم من خضعوا لعمليات تجميل خارج بريطانيا كانوا سعداء بالتجربة، ولم تظهر الكثير من الأخطاء الطبية الفادحة التي عادة ما تغطي على أخبار هذا النوع من السياحة.
ويقول سياح التجميل إنهم سعداء بتغيير شيء لا يعجبهم في أجسامهم أقلقهم لسنوات طويلة. وشملت شريحة هؤلاء أناس عاديين يعملون في كل مناحي الحياة من الممرضات إلى عاملات الفنادق إلى الطلبة والمدرسين، وجميعهم من ذوي الدخل البسيط أو المتوسط.
وتختلف ظروف الباحثين عن عمليات التجميل في أنحاء العالم، فبعضهم يريد عمليات ترميم مثل شد الجلد عقب عمليات تخسيس شديدة يفقدون فيها عشرات الكيلوغرامات من الوزن الزائد بحيث تبدو جلودهم رخوة على أوزانهم النحيلة. والبعض الأخير يغير معالم الجسم من تعديل للأنف إلى تكبير أو تصغير حجم الثديين.
وتقول الدكتورة روث في نتائج البحث إن عمليات التجميل تضفي قيمة للفتيات العاملات في وظائف بسيطة مثل مكاتب الاستقبال أو بيع المشروبات في المقاهي. وتسعى الفتيات إلى الظهور بمظهر عادي مقبول وليس بلوغ مستويات عليا من الجمال أو الجاذبية. ومعظم هؤلاء قضي ما بين خمس وعشر سنوات من التفكير والبحث في قضية إجراء عملية تجميل قبل الإقبال على التجربة.
وفي أوروبا تتخصص دول مختلفة في عمليات معينة. فمن يريد شفط الدهون وتخفيض الوزن يذهب إلى الجمهورية التشيكية، وتتخصص بلجيكا في عمليات تكبير الثديين وبولندا في تجميل الخصر وشفط الدهون وبودابست في زراعة الأسنان. ويتعرف السياح على هذه المهارات والتخصصات عن طريق التوصية من أشخاص آخرين.
وهم يختارون الأطباء على أساس معرفة الآخرين بهم شخصيا وكما يختار المرء عاملا فنيا بناء على توصية الأصدقاء. وتلعب صفحات المواقع الاجتماعية دورا مهما في هذه الرحلات حيث يتابع الباحثون عن الجراحات التجميلية تجارب ونصائح الآخرين الذين سبقوهم إليها. ويفحص السياح الجدد الصور المنشورة قبل وبعد عمليات التجميل.
وقد يستغرب البعض ذهاب بعض البريطانيين إلى أنحاء أوروبا من أجل إجراء عمليات يمكن أن تجرى في لندن، ولكن السبب هو قوائم الانتظار الطويلة التي تصل إلى أكثر من عامين في مستشفيات بريطانيا الحكومية (وهي مجانية) والتكاليف الباهظة لإجراء هذه العمليات في عيادات خاصة في لندن، حيث السفر وإجراء العمليات في أوروبا مع تكاليف الإقامة لا يكاد يصل إلى نصف تكاليف إجراء العمليات في لندن.
ويقوم وكلاء، ومعظمهم يكون قد أجرى جراحات تجميل سابقا، بترتيب هذه الرحلات السياحية وحجز رحلات الطيران وإقامة الفنادق ويوفرون كل المعلومات لسياح جراحة الجميل. ويعمل هؤلاء مثل وكلاء السياحة العاديين مع إضافة حجز مواعيد عمليات التجميل قبل القيام بترتيبات السفر.
والغريب من معظم البريطانيين رفضوا الخضوع لهذه العمليات في بريطانيا بسبب التكلفة وشعورهم بأن الأطباء، خصوصا في لندن، تعاملوا مع المرضي وكأنهم «دفاتر شيكات متحركة». وتعتقد متعهدة لهذه الرحلات أن مستوى الأطباء خارج أوروبا أفضل منه في أوروبا وفي بريطانيا مقابل تكلفة مالية أقل.
وفي بعض الحالات لا تسير الأمور على ما يرام. فمن ضمن 100 حالة جرى تحليلها أكاديميا وسؤال المرضى والوسطاء والأطباء، تبين أن نسبة 16 في المائة تعرضت لمضاعفات نصفها تقريبا احتاج إلى عمليات تالية وبعضها تعرض إلى العدوى بعد الجراحة. وفي حالات إجراء العمليات خارج بريطانيا لا يوجد مجال للتعويض في حالات الإصابة أو الوفاة.
ويضطر سياح التجميل إلى السفر إلى الخارج لأنهم غير سعداء بمظهرهم ولا يستطيعون دفع تكاليف هذه العمليات في بريطانيا. والبعض الآخر لا يريد قوائم انتظار المستشفيات الحكومية.
الغريب أنه في بريطانيا تنظر الخدمات الصحية الرسمية إلى هذه العمليات بعين الشك وتعتبر أن المريض الذي يعاني من مضاعفات يضع المزيد من الأعباء غير الضرورية على النظام الصحي الرسمي. وتطلق السلطات الصحية البريطانية على هذه الرحلات العلاجية اسم «مغامرات». ولكن المرضى بدورهم يقولون إنهم كانوا يفضلون إجراء هذه العمليات في بلدهم على يد أطباء ينحصر اهتمامهم على الجانب الطبي وليس على الربح المالي.
وتبدأ أسعار عمليات التجميل من نحو 10 آلاف دولار في بولندا وتصل إلى عدة أضعاف ذلك في عمليات ضمن مستشفيات سبع نجوم في الصين. وهي أسعار تقل بنسب تصل إلى 90 في المائة عن التكلفة في مستشفيات أميركية أو بريطانية خاصة. وهناك منظمة للسياحة الطبية تضم نحو 50 دولة في عضويتها وتشرف على مستوى الأداء الطبي فيها.
* تحذيرات طبية
* والنصيحة من الهيئات الطبية في الولايات المتحدة وبريطانيا هي أنه من الصعب التأكد من مؤهلات وكفاءات الأطباء الذين يقومون بهذه الجراحات في أنحاء العالم، وأن المرضى يمكن أن يقبلوا على مخاطر غير محسوبة في اختيار أطباء غير مؤهلين.
وتلاحظ الجهات الطبية الأميركية والبريطانية أن جراحات التجميل في الخارج يجري تسويقها على أنها رحلات سياحية على رغم أن النشاطات السياحية يجب تجنبها عقب إجراء مثل هذه الجراحات. وتضيف أن كل الجراحات، بما فيها جراحات التجميل، تحمل درجة من الخطورة. وفي بعض الدول يكون خطر العدوى هو الأكثر تهديدا للمريض، كما أن بعض النتائج لا تكون جيدة من وجهة نظر المريض نفسه.
من ناحية أخرى، ترى هذه الجهات درجة مخاطر أعلى في الجمع بين السفر الجوي والسياحة، واحد مخاطر السفر الجوي بعد الجراحة هو الإصابة بجلطات الساق. وتقترح الجهات الطبية الانتظار لفترة أسبوع على الأقل قبل السفر الجوي وعقب إجراءات الجراحات التجميلية.
أيضا فإن العناية أثناء فترة النقاهة مهمة لمن أجرى هذه الجراحات، بينما لا توفر السياحة التجميلية إلا فترة وجيزة من العناية بعد إجراء جراحات التجميل. وفي حالات المضاعفات قد يصعب على الأطباء المحليين علاج الحالات مع عدم معرفة الخطوات الجراحية التي اتبعت في الحالة الأولى.
من المخاطر الأخرى أن عمليات إصلاح أخطاء جراحات التجميل قد تكون أغلى ثمنا من عمليات التجميل في الأساس مما ينفي هدف توفير التكليف من إجرائها في الخارج.
* نصائح لمن يرغب في رحلات جراحة التجميل لمن عقد العزم على إجراء جراحات التجميل في الخارج، لا بد من مراجعة بعض النصائح التي تدلي بها جمعية أطباء جراحة التجميل في الولايات المتحدة:
* لابد من إجراء الأبحاث الكافية قبل إجراء الجراحة من حيث ما تتضمنه العملية الجراحية ومخاطرها. ويمكن الاطلاع على موقع عام للنصائح حول هذه العمليات هو (www.plasticsurgery.org) الذي يشرح خطوات كل جراحات التجميل.
* لابد أن تكون التوقعات عملية، وذلك بسؤال الجراح أسئلة حول الجراحة والعوارض الجانبية والوقت اللازم للشفاء من آثار الجراحة وشكل النتيجة النهائية لها.
* التزود بالمعرفة عن طريق سؤال المرضى الآخرين عما لاقوه من مصاعب وحتى يعرف المريض ماذا يمكنه أن يتوقع.
* الاستعانة بتقييم طبي من الجراح مع شرح تاريخه الطبي لكي يمكن التعرف على أفضل أسلوب لإجراء الجراحة.
* يجب اختيار طبيب متخصص ومعتمد وسؤاله الكثير من الأسئلة قبل الموافقة على إجراء الجراحة.

الشرق الأوسط

حول الموقع

سام برس