بقلم / جميل مفرح
اللعنة عليك أيتها الحياة.. كم أنت حافلة بالغدر وعامرة بالكمائن..!!

ها أنتٍ أخيراً تتبجحين باقتدارك على كسرنا، وها أنت ترغميننا على الانهزام لك والانحناء لغزواتك وهباتك العاصفة التي كثيراً ما حاولت اقتلاعنا من جذورنا.. ها نحن نعترف لمراراتك بالهزيمة مذعنين منكسرين، فاقدي الحيلة، وأنتِ تكسرين واحدةً من أعلى راياتنا وتستكثرين عليها حتى مجرد الرفرفة.. كانت الرفرفة خفقاننا الأخير المتبقي لنا منك، وها أنتِ تصرين على أن تطويننا كما تطوى راية امبراطورية شاسعة الملكوت التهمتها صروف الأحزان ذات زلة من قدر..
* * *
محمد العقود.. لاندري هل نعاتبك أم نشكرك.. نحزن ونأسى من أجلك أم نغضب ونثور من أجلنا..؟! فكل حال هو منك أدنى وكل جزاء هو منك أنأى..

ما عسانا نستطيع أن نفعل أو نقول، وقد وشت بك الظروف إلينا فوشيت أنت بنا إلى الحقيقة ووشى بنا معا القهر إلى الحياة الغادرة.. ها هي تقهقه وتصفق وتعلن انتصارها القاهر علينا، وقد كممت فم واحد من كبارنا الذين كنا نحتمي ونستظل بهم ونستند إليهم كلما هبت علينا ريح أو مادت بنا أرض..

كنت ملاذنا في كل الظروف، كلما حدقت بنا وجدنا يديك الحانيتين تزيلان صخورها من على صدورنا وأتربتها من على ثيابنا.. كان حبك ووفاؤك وكبرياؤك أطيب الرفقة لنا.. كنت دائما تعمد إلى تغيير ملامحنا من الحزن إلى البهجة ومن التوجع إلى التبسم، وكأنك تخلق ثناياها وخطوطها من جديد..

محمد القعود.. ماذا سنرد على وجعك بغير الوجع في كل هذا التأرجح الذي أصابنا ويصيبنا كل لحظة بالدوار والاختناق..؟!

هل سنستطيع أن نرد لك ولو جزءا ضئيلا مما أتاحه لك العطاء طوال ذلك وهذا الشقاء..؟ هل نبادر ونشتري هذا العمر الزاخر الذي تعرضه للفناء..؟! وهل ستبيعه لنا بالآجل حتى يقدر الله بفسحة من ثراء..؟!
نعلم أنك لن تتراجع وستقبل أن تبيعنا بالآجل أيا كانت ظروفك وكانت أسبابك.. ولن تتأذى أو تتذمر وأنت تحملنا في صدرك أوجاعا إضافيةً وعلى كاهلك أعباء لا حدود لها..

محمد القعود.. لا بأس، الحياة سجال، وإن نكن قد انحنينا وسلمنا للهزيمة قيادنا في هذه الجولة، فكثيراً جداً ما وطأنا الحياة وأجبرناها على الاستسلام لنا وكثيرا ما هزمنا ظروفها وطويناها في ابتسامة ساخرة أو قهقهة كبرياء.. وما تزال أمامنا فسحات ومسافات لنثأر لك ولأنفسنا من كل وهلة انهزام مرت بنا كهذه اللحظة العابرة العابثة بأسراب من الانتصارات...،

محمد القعود.. ستظل كبيرنا الذي علمنا الكبرياء ورائدنا الذي قادنا إلى الحفر بأناملنا الرقيقة في ظهور الصخور الخشنة، لتخضع لإراداتنا كل الصعاب والعوائق مقهورة وذليلة.. ستظل منبعاً للجمال والوفاء والحرية والإباء.. لأننا ندرك مطلق الإدراك أنه مايزال في يديك وملكاتك وملكك ما يمكن أن نملأ به الكون باتساعه ضوءا ووهجاً وما يمكن أن نمنحه للعالم بأسره من حب وعزيمة واقتدار على الحياة مهما كانت أثقالها..

محمد القعود.. دام عزك وكبرياؤك ودمت لنا صديقا وفيا وأخاً حبيباً..
لا تبتئس يا صديقي سنواجه شبه الهزيمة بمئات بل بآلاف الانتصارات التي سنزهو بها معا يوما ما وتجلجل ضحكاتنا ونحن نتذكر هذه العثرات التافهة.. سنكسر بكبريائنا الأبدي انتهازيتها العابرة.

محمد القعود.. فقط كن كما عهدناك محمد القعود.. فهذا كاف لأن تتزنبق الحياة بضحكاتك المموهة.

حول الموقع

سام برس