سام برس / متابعات
تنتشر سياحة «الكروز» بين الطبقات الثرية في الغرب، ولكنها في الأعوام الأخيرة بدأت تفتح أبوابها لجميع الفئات، لكي تقدم لهم بديلا عن رياضة المدن والشواطئ. وهي تصلح لمتوسطي العمر الذين يفضلون الفخامة والاستمتاع بوقت الفراغ، ولكنها أيضا تتيح كثيرا من النشاطات لجميع فئات العمر. وهي تتيح فرصة الإبحار إلى كثير من الموانئ والمدن في جولات ومغامرات بحرية تجلب العالم إلى ركابها، وتحيطهم بكثير من معالم الفخامة أثناء إقامتهم.
هذه السياحة قد لا تكون منتشرة كثيرا بين السياح العرب، ولكنها تمر على كثير من المدن العربية، ويمكن للسائح العربي أن يبدأ استمتاعه بنوع جديد من السياحة، يوفر عليه عناء الانتقال بين مدينة وأخرى، ويترك لسفن «الكروز» مهمة الإبحار إليها، بينما هو ينظر إلى العالم من مقصورته.
وتبدأ ترتيبات الرحلة قبلها بأسابيع، حيث يجري تحديد الرحلة المختارة وترتيبات الوصول إلى مرفأ الإقلاع. ويمر الركاب بإجراءات تفتيش مثلما الحال في المطارات قبل التوجه إلى مقصورته. وترحب الشركات بضيوفها عبر تقديم مشروب بارد لهم، وشرح جميع الجوانب المتعلقة بالسفينة والخدمات المتاحة على متنها.
المقصورات تشبه غرف الفنادق، وبها جميع اللوازم المعيشية، وملحق بها دورة مياه خاصة. ويتلقى المسافر خدمة تشبه خدمة فنادق الدرجة الأولى، حيث يجري تغيير الفراش وتنظيف المقصورة على نحو يومي.
وينصح خبراء «الكروز» الضيوف الجدد بالذهاب لمشاهدة مطعم السفينة والتعرف على مائدة الطعام الخاصة بهم، وذلك بعد فترة استرخاء قصيرة. وهدف ذلك هو معرفة الطريق إلى المطعم، حتى لا يتأخر الضيف عن تناول وجبته في موعدها، وثانيا تغيير الموقع إذا لم يكن يعجب الضيف لأي سبب من الأسباب. ويمكن لمدير المطعم أن يدبر ذلك فورا في بداية الرحلة، ولكن التغيير يكون صعبا بعد ذلك، لأنه سوف يتطلب تغيير مواقع آخرين قد لا يريدون مثل هذا التغيير.
وفي السفن كبيرة الحجم تتاح للضيوف عدة مطاعم للاختيار من بينها. وهي توفر مضيفين ومضيفات يقدمون المشروبات للضيوف في المطاعم أثناء الوجبات. هذه المشروبات لا تدخل ضمن تكلفة «الكروز» مثل المأكولات، ويجب طلبها عند الحاجة إليها، إلا في الحالات التي تشمل رحلات «الكروز» المأكولات والمشروبات معا. بعض المشروبات قد تكون غالية الثمن ويتعين دفع ثمنها من البطاقة التي يحملها الضيف أثناء الرحلة. ولكن المشروبات الغازية والقهوة والشاي يمكن طلبها من الركن الخاص بها، وهي في أغلب الأحوال تمنح مجانا ضمن تكاليف «الكروز».
قبل الإبحار يجري التدريب على إجراءات السلامة، ثم يحتفل الركاب بالإبحار ويعود الجميع إلى مقصوراتهم لكي يجدوا قطعا من الحلوى على الأسرّة مع بطاقة لبرنامج اليوم التالي.
وتبحر سفن الكروز إلى جميع أنحاء العالم، وتمر في رحلاتها بمعظم موانئ العالم. ويقدم كل ميناء نكهته الخاصة من عبق التاريخ أو الثقافة أو الجمال الطبيعي. ولعل الانتقال من موقع لآخر عبر رحلة بحرية هو سر روعة رحلات «الكروز»، فالمسافر يحزم الحقائب مرة واحدة، ولكنه يمر على مختلف بقاع العالم في رحلة متنوعة.
وإذا أخذنا قارة أفريقيا كمثال، فإن سفن «الكروز» ترسو في كثير من موانئها، مثل أغادير والدار البيضاء وطنجة في المغرب وكيب تاون ودربان في جنوب أفريقيا وسوسه وتونس بالإضافة إلى موريشيوس ومومباسا وزنزبار. وتمر سفن «الكروز» في قناة السويس، ويمكن لركابها التوقف في مدن القناة أو الذهاب إلى القاهرة في رحلة تستغرق يوما واحدا، ومنهم من يسافر إلى الأقصر وأسوان من سفن ترسو في موانئ البحر الأحمر.
وتقسم الشركات العالم إلى عدة مناطق جغرافية تتخصص فيها كل شركة على حدة، فهناك منطقة ألاسكا وبها 25 مدينة وميناء يمكن زيارتها ويقدم كل منها لمحة مختلفة عن المنطقة شديدة البرودة. وحتى في القطب الجنوبي هناك 16 ميناء وجزيرة لسفن «الكروز» تمنح زائريها لمحة عن الحياة الطبيعية في هذه المنطقة الجليدية.
وهناك رحلات إلى أستراليا ونيوزيلندا وأخرى لجزر البحر الكاريبي، كما توجد كثير من الموانئ في كندا لزيارة سفن «الكروز». وفي أوروبا وحدها هناك 102 مدينة تزورها سفن «الكروز» على نحو أسبوعي، بخلاف رحلات «الكروز» النهرية. وهناك رحلات للشرق الأقصى تشمل مدنا، مثل بانكوك ومومباي ودلهي ومدينة هوشي منه وهيروشيما وتايبي وكوالالمبور وكيوتو وفوكيت. كما يعد البحر المتوسط من أكثر بحار العالم مرورا لسفن «الكروز»، وتنتشر هذه السفن ما بين أنقرة وأنطاليا في تركيا شرقا إلى الدار البيضاء في المغرب غربا.
وتستأثر الموانئ الأوروبية بمعظم وجهات سفر «الكروز» في هذه المنطقة، ولا تظهر من المدن الساحلية العربية سوى مدن تونس والمغرب، بالإضافة إلى الإسكندرية. وتوجد موانئ «كروز» نشطة في منطقة الخليج العربي تشمل أبوظبي ودبي والفجيرة ومسقط، بالإضافة إلى مسندم وسحار وسور في سلطنة عمان. وهناك جهات غير معهودة أيضا مثل جزر المحيط الهادئ وقناة بنما وموانئ قارة أميركا الجنوبية.
ويمكن للباحث عن رحلات كروز أن يحدد رحلته من مئات الرحلات المتاحة على مواقع الشركات، عبر عدة اختيارات، منها: تحديد وجهة السفر وتاريخ الرحلة وفترة الرحلة وشركة «الكروز» التي يفضلها، وميناء بداية الرحلة. وإذا لم تكن هذه الخيارات تهمه يمكنه أن يبحث عن طريق العروض الخاصة التي تقدمها الشركات أو المبلغ الذي يريد إنفاقه في رحلة «الكروز» بحد أقصى.
وتتفق أوساط الصناعة على تصنيف رحلات «الكروز» ما بين الفاخرة والشعبية. وتأتي على قمة لائحة الفخامة شركات مثل «ريجنت سفن سيس» و«سيلفر سي» و«كريستال» و«سي بورن». وفي القطاع العملاق الفاخر تأتي شركات «رويال كاريبيان» و«كونارد» و«هولاند أميركا» و«ديزني» و«برنسيس». أما القطاع الشعبي، فيشمل شركات، مثل «كرنفال كروز» و«إن سي إل».
ومع التعدد الهائل في رحلات «الكروز» وتخصصات السفن ووجهات السفر ينصح الخبراء بالاستعانة بنصيحة خبير سياحي متخصص في مجال «الكروز»، في اختيار السفينة والرحلة المناسبة لظروف المسافر. ويمكن للسائح أيضا أن يقوم ببعض البحث بنفسه لكي يحدد الخطوط العريضة لرحلة «الكروز»، التي يود القيام بها، وأن يستعرض الشركات ونماذج من انطباعات الركاب المنشورة على مواقع الإنترنت.
ويتعين الاختيار الدقيق لدرجة السفر، فأحيانا لا يكون الفارق كبيرا بين الدرجة السياحية والدرجة الممتازة (في حدود مائة دولار) وهي تكلفة قليلة ولكنها ذات قيمة عالية، من أجل المزيد من الراحة والرفاهية أثناء الرحلة.
* كيف تختار رحلة «كروز» جيدة؟
* قد يكون من الصعب مراجعة جميع المزايا والخيارات المتاحة لرحلات «الكروز»، ولكن هناك بعض المؤشرات التي يمكنها أن تجعل هذه العملية سهلة. من هذه المؤشرات وجهة السفر وطول مدة الرحلة وتوقيت الإبحار ونوع السفينة المفضلة من حيث الحجم.
وتوفر بعض الشركات فرصة الاختيار السهل عبر التخصص في مجالات معينة لجذب نوعيات معينة من السياح. فهناك شركات مثل «سيلبرتي» تجذب سياحا يهتمون بجوانب «السونا» والمطاعم الفاخرة، بينما تشتهر شركة «كرنفال» بجوانب الملاهي الليلية والتسلية. وتقدم شركة «برنسيس» ما تطلق عليه «عطلات رومانسية».
وهنا يجب توضيح أن السفن التي تتبع الشركة نفسها ليست متماثلة. فالشركات تعلن عن كثير من المزايا المتوافرة في سفنها، ولكنها تركز فقط على أحدث سفنها، بينما السفن القديمة نسبيا لا تحتوي على كل المزايا المعلنة.
وأحد أمثلة ذلك شركة «رويال كاريبيان»، التي تعلن عن خيارات تشمل ساحات تزلج على الجليد وملاعب غولف مصغرة، ولكن سفن الشركة القديمة لا تحتوي على هذه الخدمات. كذلك، لا تقدم سفن «برنسيس» القديمة مطاعم الأكلات البحرية المشوية، ولا تضم المقاهي التي تقتصر على الكبار فقط أو قاعات السينما المكشوفة.
وسيلة أخرى يمكن بها اختيار رحلات «الكروز» المناسبة هي مقارنة وجهات هذه السفن بما يمكن أن يتوقعه المسافر عليها. فرحلات «كروز» في البحر المتوسط تكون في الغالب موجهة لعائلات صغار السن مع أطفال، ولذلك فهي عطلات صاخبة، بينما الرحلات طويلة الأجل التي تذهب لجهات بعيدة، مثل أستراليا وأميركا الجنوبية ولفترات طويلة، فالأرجح أن معظم ركابها هم من كبار السن المتقاعدين، ولذلك فهي رحلات هادئة وتسير بوتيرة بطيئة.
وبصفة عامة، يتوجه الباحث عن المغامرة والنشاط إلى سفن «كروز» شركة «رويال كاريبيان»، ويتوجه كبار السن إلى سفن شركة «سولاستيس»، بينما تقدم سفن «برنسيس» و«ايمرالد» رحلات رومانسية، وتتوجه سفن «ديزني» لتسلية الأطفال، بينما تتخصص سفن «أوشينيا» في تقديم الوجبات الفاخرة أثناء الإبحار.
ويمكن اختيار سفن «الكروز» المناسبة وفقا للنشاط الذي يفضله السائح أو الفئة العمرية أو الظروف العائلية. ويقال إن لكل سائح سفينة تناسب أسلوب حياته وشخصيته. وعلى المسافر أن يكتشف السفينة الملائمة له.

حول الموقع

سام برس