بقلم/د.عبدالوهاب الروحاني
عندما نتحدث عن وقف الحرب، نعني صناعة السلام من اجل اليمن ومسقبل اجياله، وليس من اجل ان تنفرد فئة أو جماعة او قبيلة ، أو سهل أو "هضبة" ، او زيدية او شافعية بالحكم كما يحلو لبعض المرضى تفسير ما نقول.

‏الطبيعي ان سنوات الحرب علمتنا ان نرتقي قليلا بتفكيرنا، وفهمنا للكوارث والمآسي التي حلت بمجتمعنا؛ فالحرب قد فعلت بنا نحن اليمنيين ما لم تفعله اي حرب بأي شعب في العالم:

• لا توجد دولة قادت حربا في اي بلد في العالم وفرضت على شعبه حصارا مطبقا، ومنعته من الهرب من الموت الا في اليمن..

• الحرب الفيتنامية الأمريكية التى استمرت عشرين سنة (من 54 - 75) وهي من أطول الحروب، فتحت للفيتناميين المنافذ ومعسكرات ايواء في الدول المجاورة.

• روسيا وهي تحارب اليوم في اوكرانيا فتحت اراضيها للنازحين وبنت لهم بيوت ومعسكرات إيواء ومدارس كما فعلت كل دول الجوار الاوروبي.

• ‏ ‏تركيا والروس والامريكان الذين يحاربون في سوريا.. أقاموا معسكرات إيواء بداخل بلدانهم واستقبلوهم، والامم المتحدة أعلنت قبول الاف اللاجئين وتقاسموها حصصا في كل أوروبا والامريكيتين.

‏• نفس الشيء فعلوه مع دول البلقان وأفغانستان، التي شنوا فيها حروبهم العبثية دون رادع من ضمير او وازع من انسانية.

حرب انتقام :

لكن مالذي فعلوه في حرب اليمن ؟!هل فتحوا معسكرات إيواء للنازحين في السعودية أو الامارات أو أعلنت الامم المتحدة عن قبول لجوء حالات سياسية وانسانية؟!

طبعا لا؛ ‏واليمنيون في دول الخليج هم الوحيدون الممنوعون من الدخول اليها .. " الشقيقة الكبرى" زعيمة التحالف تطرد اليمنيين من قبل الحرب واثنائها وبعدها بدون اعتبار لا للمدة التي قضوها فيها، ولا للوضع والحصار الذي يعيش فيه البلد بسببها.

تسببت الحرب بمقتل ما يزيد على سبعمئة الف مواطن يمني، وتشريد ونزوح حوالي ستة مليون مواطن وفقا لاخر التقديرات، ومقتل أكثر من 150 الف طفل بسبب المجاعة ونقص الغذاء والدواء.

الحرب في اليمن لم تقتل وتشرد فقط، بل دمرت البنية التحية، ومؤسسات الدولة والمجتمع، ودمرت نفسية المواطن، ومزقت ارواح الاطفال والنساء.

‏الحرب في اليمن فككت النسيج الاجتماعي، واستهدفت الهوية الوطنية، ومسخت القيم والعادات النبيلة، واستهدفت الارض والانسان.

هي حرب انتقام وموت وتجهيل.. اغلقت المستشفى والمدرسة، والجامعة والمعهد، وتسببت بحرمان المعلم من وظيفته ومرتبه، كما حرمت الطالب من ان يتعلم ويعيش حاضره، ويفكر في مستقبله، واغلقت أبواب الامل في وجهه، واعادت البلاد الى مجاهل التاريخ.

انتجت الحرب في الفترة مابين (2015-2023) مجاعة في المجتمع، فتسببت في وجود ما يزيد على 23 مليون مواطن يمني يعيشون تحت خط الفقر وفقا لتقارير اممية.

اغلقت الحرب أبواب الحياة، وتسببت في انعدام تام لفرص العمل، فوصلت نسبة البطالة إلى 60 في المئة.. أي أكثر من 17 مليون عاطل عن العمل في المجتمع اليمني.

قتلت الحرب في اليمن روح المودة والمحبة والتراحم، فخلقت عصابات فساد سياسية، وعصابات فساد اخلاقية وقطاع طرق.. خلقت اوضاعا مأساوية وظروفا مرة وقاسية، واحدثت جرحا نازفا في المجتمع.
‏الحرب في اليمن هي حرب انتقام من الثقافة والتاريخ والتراث وتفخيخ فرص الامل والسلام والمستقبل ..
رهاننا :

الحرب في اليمن عثية مجنونة يراد لها أن تستمر، بعد ان جعلت النخب السياسية القابضة على الزناد مشتتة الولاء، بلا هوية ولا دولة ولا نظام ولا قانون؛ افسدت الضمائر وفتحت أبواب جهنم على اليمنيين، كما فتحت الشهية للمتاجرة بدمائهم، واوجدت مصالح وامراء حرب، وتجار موت وسلاح.

هذه الحرب الملعونة، اكلت فينا الاخضر واليابس، دمرت الاحلام وكسرت الطموحات.. ورهاننا كشعب ينزف، ووطن ممزق، ومواطنين بسطاء.. جوعى ومشردين، ونخب ثقافية وسياسية هو السلام اليمني العادل، الذي يعيد لنا يمننا، ويضمن لنا أمننا، ويزرع فينا الحياة والامل.

ومن يريد أن يحكم فليحكم، ولكن بقرار يمني، وبدون تبعية، وبرشد وعدل وشراكةوطنية..!!

حول الموقع

سام برس