بقلم/ د. عبدالوهاب الروحاني
‏في عيدهم .. عيد العمال كانوا يسيرون فرحين مزهوين وهم يلبسون بزاتهم الملونة .. الأيدي في الشوارع والاحياء تلوح لهم بتحايا العيد ..عمال مصنع الغزل والنسيج، الذي كان لا يزال رمز الانتاج والصناعة الوطنية قبل ان تأكله سوسة الفساد، وعمال النظافة اصحاب الايادي النظيفة البيضاء، وعمال الطباعة والنشر، والطاقة والكهرباء، والاسمنت، والصناعات الخفيفة .. كلهم كانوا على تصالح مع انفسهم ومع الدولة والمجتمع.. ذلك لانهم كانوا يستوفون حقوقهم كاملة وغير منقوصة :

• كانوا يتقاضون مرتباتهم يوم 29 من كل شهر مع الحوافز والاضافيات.
• ‏ تامين مواصلات من و الى العمل
• ‏ يتقاضون بدل مخاطر
• ‏ضمان التأمين الصحي لهم ولاولادهم
• ‏التأمين الاجتماعي، والمرتب التقاعدي
• ‏مكافآت التميز والابداع..

عمال في المصانع:
حبات العرق التي تقطر من جبين العامل كانت ترفع لها الشارات، وتنظم لها الكلمات وتغني لها الاذاعة والمنتديات ..

سرب الحمام غنى حتى شجاني
بأجمل الألحان والمعاني
‏غنى لشهر الحب والأماني ‏
سلام للعمال في المصانع
سلام للأبطال في المواقع
سلام للجندي وهو يدافع

ابيات ذاع صيتها وحفظ الناس لحنها في مطلع السبعينات.. كانت ولا تزال تدوي في الاذان حتى اليوم من كلمات الشاعر والاذاعي الشهير عبد العزيز شايف، وصوت الفنان يحيى العوامي، كانت تصدح بها الاذاعة وتطرب لها البيوت وشوارع واحياء المدن والقرى اليمنية حين كان العامل مصدر فخر واباء وعزة..

كلمات وأغاني كنا نطرب لها، وكانت ترسم البسمة في وجوه العمال، وتخلق فيهم روح الحياة والامل .. كنا صغارا نتسابق لحضور الاحتفال بعيد العمال ونخرج مبكرين للفوز بموطئ قدم في بهو مصنع الغزل والنسيج بصنعاء .. نشهد مراسيم التكريم ونسمع الكلمات التي تمجد العامل ودوره في البناء والتنمية.

الطبقة الأهم:
يشكل العمال الطبقة الأهم بين طبقات المجتمع، وهم في الغالب يلعبون دورا محوريا في التحولات الاقتصادية والسياسية في المجتمع؛ اضطلعت الحركة العمالية في بلادنا بدور حيوي في البناء والتنمية، واسهمت بفاعلية في توجيه السياسات العامة حينما تأطرت في قوالب وأشكال نقابية وتنظيمية مهنية وجماهيرية منذ مطلع خمسينات القرن الماضي في ظل الاحتلال البريطاني في الجنوب، ومطلع السبعينات في الشمال.

من بين قادة العمل النقابي عرفت توفيق عوبلي، وسمعت وقرأت عن الدوش، وعبده فارع نعمان في النقابات الست في عدن، وسلطان المعمري، وناصر الشيباني في الحديدة، والحكيمي والزريقي في تعز ..

ووقفت على حيوية ونشاط رواد العمل النقابي في صنعاء، وتشاركت معهم بعض هموم منظمات المجتمع المدني محمد الجدري، يحيى النعامي، محمد بشير، ويحيى الكحلاني .. نماذج وطنية صافية اسست قواعد لحماية العمال والفلاحين وصنعت حركة غيرت مسار البناء والانتاج ..

نماذج لم تعمل فقط لحماية حقوق العمال والفلاحين ومنع العسف والظلم ضدهم وانما نهضت بقيظ العمل والانتاج، وشاركت في إحياء الحركة السياسية، وحوارات الوحدة.

تحية لعمالنا.. عمال اليوم الذين يكدون ويجوعون، ويكدون ولا ياكلون، ويكابدون ويصرخون، ولكنهم لا يجدون من ينصفهم ويدفع حقوقهم .. انه زمن الفوضى والعمل بدون مرتب.
‏د. عبدالوهاب الروحاني

حول الموقع

سام برس