بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
في ظل معاناة مزدوجة لليمنيين من تدهور الاقتصاد والصراعات السياسية المستمرة التي تواجه الملايين من اليمنيين صار من الواضح أن هناك شريحةً واسعةً من اليمنيين تعيش في بحبوحة وثراء بسبب استمرار الصراعات والحروب وغياب الدولة ما يكشف عن فجوة اجتماعية كبيرة فالطبقة المتوسطة بداءت تختفي مع الوقت وتشتد الفجوة بين الأغنياء والفقراء مما ينبئ بكارثة بين طبقات المجتمع فمع استمرار الحرب وانهيار مؤسسات الدولة وتوقف صرف الرواتب لكثير من الناس تبدلت أحوال فئات المجتمع نحو الاسواء لا سيما بعد زيادة عدد الفقراء على نحو غير مسبوق وتآكل الطبقة الوسطى التي خسرت أمانها الاجتماعي والاقتصادي وأصبحت مجبرة على التكيف مع واقع جديد واتخاذ خيارات صعبة تطال نمط حياتها

في المقابل ظهرت طبقة يمنية جديدة تكونت بفعل الحرب هي الوحيدة القادرة على ممارسة الحياة بشكل طبيعي بعيدًا عمن يعاني على أبواب عقال الحارات من اجل دبات الغاز والأفران من اجل لقمة عيش والجمعيات الخيرية والمستشفيات وانتظار السلات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية في نفس الوقت الذي كثير من هذه الطبقة الجديدة يعيشيون في بحبوحة من العيش ويشترون افخم الشقق والفلل السكنية في عواصم كثير من دول العالم وأبرزها صنعاء وعدن ومارب ودبي والقاهرة واسطنبول وكوالالمبور وعمان ولندن وغيرها من الدول بمبالغ كبيرة وبالدولار الامريكي نقدا في وقت تفتقر شريحة واسعة من اليمنيين إلى أدنى مقومات الحياة

تسببت الحرب في اليمن في تحول كثير من اليمنيين الى طبقة فقراء وسحقت الطبقة المتوسطة لتبرز مكانها طبقة جديدة تعرف بطبقة المحظوظين وتجار الحرب أي الذين يتقاضون رواتبهم أو تصلهم حوالات خارجية بالعملة الصعبة من الاطراف التي تساهم في حرب اليمن حتي اصبح الميسورون الجدد سواء في صنعاء او عدن او في العواصم التى ذكرناها سابقا تعرفهم بمقتنياتهم الجديدة سواء من السيارات او الفلل او الشقق او في المناسبات التي يقيمونها في أفخم الفنادق في مختلف الدول والتي تكلف مبالغ كبيرة في نفس الوقت الذي فية غالبية اليمنيين يعيشون أوضاعًا اقتصادية صعبة

أصبحنا نعيش في زمن يعتريه موت الضمير وانهيار القيم والمبادئ الاخلاقية الرفيعة وازدياد الاهتمام بالمغريات والماديات والشكليات وانتشار الرذيلة والحروب والمظاهر الزائفة وتجاهل معاناة الناس وقيم العدل والفضيلة والمساواة والوفاء بالعهد فاصبح القوي يأكل الضعيف  واصبح التضليل السياسي سواء بالدين أو العرقية او المناطقية او الحزبية سلاح الكثيرين للوصول الئ اهداف وغايات يسعي لتحقيها في الوقوف مع اهل الباطل من أجل مكاسب مادية زائلة ومنذ فترة طويلة تفشى الفساد في اليمن حيث أصبح ينعكس على مختلف مناحي الحياه العامة والخاصه في ظل غياب نظام الرقابه والمحاسبة

أصبحت شبكات الفساد والمحسوبيه في اليمن هي التي تدير الشؤون العامة للبلاد مما أدى الى ضعف الأداء الحكومي بل وخلق قوى فساد تتحكم في الموارد العامه فعلى سبيل المثال إن الفساد في وزارة الخارجية خلق ما يعرف بالموظفين الدبلوماسيين الذين يستلمون مرتبات بالدولار وهم غير موجودين بالسفارات بالاضافة الى مجموعة من السفراء والدبلوماسيين التي تجاوزت فترة عملهم القانونية اكثر من عشر سنوات دون ان يتم استدعائهم او تعيين بدلا عنهم وهذا مخالف لكل الانظمة والقوانين كما ان هناك كثير من قضايا الفساد في وزارة الخارجية سيتم التطرق اليها في مقال أخر وبالذات موضوع الدخل الاضافي والجوازات وتعيين الاقارب والاصحاب وهم بأعداد مهولة شكلت ضغطاً كبيراً على الميزانيه الخاصة لوزارة الخارجية في ظل بطاله كبيره في أوساط الشباب اليمني بشكل عام

كما ان الفساد في قطاع الطاقه والاتصالات والصحة والتعليم أدى إلى تردي مستوى الخدمات بل وانعدامها في بعض المناطق وأصبحت اليمن بيئة طارده للإستثمار ليس بسبب الأوضاع الأمنيه بالمقام الأول وإنما بسبب تدخل مراكز الفساد والنفوذ وطرحهم لإشتراطات غير قانونيه على المستثمرين تفرض عليهم بموجبها دفع مبالغ ماليه كبيرة مقابل مسميات مختلفة وتسببت هذه التدخلات في انحسار فرص العمل وهروب المستثمرين وتخوف التجار اليمنين بسبب الحرب والصراعات من تعدد الاجراءات وجهات الضبط والتحصيل تجاه اعمالهم التجارية

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس