بقلم/ جيفري كمب
في يومي 18 و19 من يونيو الجاري، اجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بكبار المسؤولين الصينيين، وعلى رأسهم الرئيس شي جين بينغ، في بكين. وكانت هذه أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أميركي للصين منذ عام 2018.

وحظي الاجتماع بتغطية صحفية عالمية. والأسباب وجيهة، فالعلاقات السيئة بين القوتين العظميين في العالم سيئة للعالم، وقد تؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع. وكانت تصريحات بلينكن وشي واقعية النطاق، لكنها كذلك مهمة لأنها أكدت الحاجة إلى مزيد من الحوار حول سبل التعاون وتجنب المواجهة.

ومن منظور أميركي، كانت إحدى النتائج للمحادثات تأكيداً من الصين بأنها لا تزود روسيا بمساعدة عسكرية قتالية، وأن الولايات المتحدة رحبت بالجهود الصينية للمساعدة في التوسط في نهاية «عادلة ودائمة» للحرب في أوكرانيا. وتوارت القضايا المثيرة للجدل حول تايوان والمواجهات العسكرية في بحر الصين الجنوبي. لكن الولايات المتحدة أثارت أسئلةً حول حقوق الإنسان في شينجيانغ ومصير المواطنين الأميركيين المحتجزين في الصين.

ومن النقاط التي ركزت عليها المحادثات أهمية العلاقات الاقتصادية المتبادلة، والتي تشمل التجارة بين البلدين والبالغة قيمتها 700 مليار دولار سنوياً. خلال الحرب الباردة، كانت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين الرئيسيين، أي التحالف الغربي والاتحاد السوفييتي، في حدها الأدنى. ويتمتع جميع الحلفاء الغربيين اليوم باستثمارات وتجارة قوية مع الصين. وفي حين أن بعض عناصر هذه العلاقات مثيرة للجدل إلى حد كبير، خاصة فيما يتعلق بقضايا التكنولوجيا المتقدمة وحقوق الملكية الفكرية، فإن أي فصل لهذا التعاون الاقتصادي سيكون له عواقب سلبية عميقة على كل الأطراف ونظام التجارة العالمي بأكمله.

ويشير بعض المحللين إلى أن أحد أسباب قرار الصين تقديم مسار أكثر تعاوناً للعلاقات المستقبلية هو أنها تدرك تماماً أهميةَ اتفاقياتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة وبقية حلفائها الآخرين. وفي أعقاب التأثير المدمر لجائحة فيروس كورونا على معدلات النمو الاقتصادي، فمن الضروري للصين رعاية التجارة والاستثمار مع البلدان التي كانت أفضل زبائنها في الماضي.

وأحد التوقعات من زيارة بلينكن أن تقوم وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بزيارة رسمية للصين قريباً. وقد تذهب وزيرة التجارة جينا ريموندو، وأيضاً جون كيري (مبعوث بايدن المعني بالمناخ)، في زيارات أيضاً، نظراً لأن كلاهما مسؤول عن القضايا التي تربط بين الصين والولايات المتحدة في مصالح مشتركة للتعاون. ومن المحتمل أيضاً أن يزور الرئيس شي «سان فرانسيسكو» في نوفمبر المقبل لحضور اجتماع التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، حيث قد يجتمع مع بايدن.

وإذا استمرت الكلمات الإيجابية القادمة من زيارة بلينكن في توليد النوايا الحسنة، فإنها ستساعد جهود بايدن على توثيق العلاقات مع جميع الدول الآسيوية الكبرى. وسيوفر هذا دليلاً إضافياً على أنه في الوقت الذي تتكيف فيه أميركا مع دور جديد أقل هيمنةً في العالم، فإنها تظل لاعباً حاسماً، ولديها شركاء كثيرون يميلون إليها، ولا يريدون مواجهة مع الصين لكنهم يطمئنون إلى أن أميركا لن تتراجع عن مكانتها العالمية.

ووصول رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة، للاجتماع مع أعضاء المجتمع الأميركي الهندي الكبير والناجح، ومع رجال الأعمال الأميركيين، بما في ذلك إيلون ماسك، والكونجرس الأميركي، يمثل خطوة في هذا الاتجاه. وستكلل الرحلة بعشاء رسمي في البيت الأبيض سيظهر أهميةَ هذه العلاقة.

كما سيُظهر أن الولايات المتحدة يمكنها العمل مع كل من الصين والهند، العملاقين الآسيويين اللذين يريدان ويحتاجان على أنحاء عدة، علاقةَ تعاون مع واشنطن.

* نقلا عن "الاتحاد"

حول الموقع

سام برس