بقلم/ دكتور / علي احمد الديلمي
ان أداء الدبلوماسية اليمنية في عديد من القضايا الهامة التي تهم مصالح اليمن ورعاياها لم تكن بالشكل الذي كان يتوقع منها خصوصا في مايتعلق بالمسائل الجوهرية لأن العمل الدبلوماسي اليمني لم يكن يضع المهنية كركيزة اساسية لعملة ولم يوّفق في تمثيل اليمن وتقديم الرعاية اللازمة للمواطن اليمن بشكل ملائم لا سيما في البلدان التى يتواجد بها اليمنيين بشكل كبير مثل جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول

كما ان الدبلوماسية اليمنية بعد الحرب لم تعتمد على أي محددات أو اهداف واضحة للسياسة الخارجية و لم تعتمد على أي أساس نظري تحليلي يرسم خططها وتصوراتها ومصالحها الوطنية وأهدافها الاستراتيجية والقريبة بل إن معظم اعمالها ومواقفها أعتمدت بشكل اساسي على الظروف التى وضعت فيها وقد تقلّد منصب وزارة الخارجية خمسة وزراء منذ العام 2015 ولم يكن هناك أي استقرار داخل الوزارة وجهازها الإداري واتسمت بضعف القيادات التي تم تعيينها على رأس الدبلوماسية اليمنية والذي لم تكن لدي معظمهم أي خبرة مهنية في العمل الدبلوماسي ومن تم تعيينهم من كوادر الخارجية لم يتح لهم الفرصة لأي عمل أو اصلاح في وزارة الخارجية بسبب هيمنة مراكز القوى التي اوصلتهم الى هذه المواقع وظلت تتحكم بكل مايتعلق بعمل الخارجية من سياسات وتعيينات في السفارات وغيرها

ومن خلال متابعة الظروف التي تحكمت فى فشل وضعف العمل الدبلوماسي فإنه يمكن ايجازها في عدد من الجوانب أهمها

أولا الهيمنة الإدارية البيروقراطية المركزية لوكيل وزارة الخارجية للشئون المالية والادارية أوسان العود والذي تم تعيينه في فبراير 2014 وله اكثر من تسع سنوات في هذا المنصب دون تغيير او تعيين في اي سفارة كما هو العرف في وزارة الخارجية بدورية التناوب في المناصب والبقاء في المنصب الاداري اربع سنوات ثم التعيين في الخارج و كشف تقرير مقدم للبرلمان اليمني عن فساد كبير لوكيل وزارة الخارجية للشؤون المالية والادارية أوسان العود الذي طال بقاءه بالمنصب باستغلال منصبه لتعيين أقارب وأصدقاء في مواقع مرموقة بالسلك الدبلوماسي في تحد سافر للقانون الذي يمنع تعيين الاقارب من الدرجة الأولى .

واعتبر التقرير أن العود استغل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد جراء الحرب وضعف أجهزة الدولة الرقابية للاستحواذ على المال العام في الوزارة وتحويله إلى حسابات شخصية لانشاء شركات تجارية في دول عدة
واقترح التقرير في توصياته إقالة العود من منصبه وإحالته إلى التحقيق القضائي لكل ما نسب له من مخالفات مالية وادارية 
كما أوصى بتقديم طلب للحكومة إلى اتخاذ اجراءات لتتبع الأموال التي نقلت من حساب وزارة الخارجية في الرياض إلى الخارج


ثانيا أعطاء الأولوية للاعتبارات الشخصية أحيانا على حساب الاعتبارات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية إضافة إلى نوع من النقصان المهني وهذا ماتمثل في شخصية وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك ، عديم الخبرة والمهنية الدبلوماسية وهو أحد الذين ساهموا في تدمير البلد ومقدراته لتحقيق اهداف اجندات خارجيه وشخصية وهو من الشخصيات التي لا تؤتمن وظهر ذلك من خلال سجل مكالمته مع الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ويدير الوزارة حاليا بطريقة الفهلوة وحماية الفاسدين والاستحواذ على الدخل الاضافي في السفارات وصرف نفقات وزارة الخارجية كبدل سفر في مهمات معظمها الهدف منها الاستيلاء على المال العام والتصوير والسياحة ولا تعود بأي عائد او مردود على اليمن وقضاياه الوطنية وقد تصدر في وقت سابق وسم اقالة وزير الخارجيه احمد عوض بن مبارك في مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية واليمن على خلفية زيارة قام بها للعاصمة الإثيوبية أديس ابابا ضمن سفرياته التى لا هدف لها الا التربح وجمع الاموال ومطالب الإقالة جاءت عقب منع عشرات المسافرين اليمنيين من دخول الأراضي المصرية بعد وصولهم على متن رحلة طيران اليمنية رقم 601 تطبيقاً للإجراءات الجديدة التي تشترط تقارير طبية صادرة عن مستشفيات حكومية في مصر

ثالثا غياب المهنية وتطبيق قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي والتى لم تكن دائما عنصرا أساسيا في عمل الدبلوماسية اليمنية اثناء الحرب في أكثر من منطقة وهناك أمثلة أهمها أن غالبية السفراء الحاليين ومعظم الدبلوماسيين قد تجاوزو فترات الابتعاث القانونية وهم في مناصبهم من مدة طويلة يصل بعضهم الى اكثر من عشر سنوات كما ان غالبيتهم من المتقاعدين وتجاوزو سن التقاعد بمراحل طويلة .

رابعا الصمت السياسي من مجلس القيادة الرئاسي بشكل كامل عن لوبي الفساد داخل وزارة الخارجية والذي لاينفذ اي شئ من توجيهات رئيس ومجلس القيادة حول الاصلاحات داخل وزارة الخارجية واصدار قرارت الاستدعاء والتعيين ومع ذلك يواصل هذا اللوبي فساد التعيينات ونهب أمول الخارجية وأقصاء كوادر الخارجية تحت مبرر توجيهات رئاسية وهناك اليوم الكثير يمكن أن يقوم به مجلس القيادة الرئاسي حول الممارسات غير القانونية والمخالفات التى أضرت بحقوق الكثير من اليمنيين وموظفي الدولة بسبب وجود شريحة من الانتهازيين والمنافقين والذين أفرغو معظم أجهزة الدولة ومنها الخارجية من الكوادر الكفواءة والقادرة وعدم أحترامهم كل القوانين من خلال تفعيل العمل بالمعايير القانونية والدستورية والاخلاقية .

ما يشهده اليمن اليوم أخطر من الديكتاتورية والأنظمة الشمولية فهو لا يعاني فقط من انعدام وجود الدولة وإنما يعيش في ظلّ تعددية مفرطة للقوى الغير دستورية أو قوى الدولة داخل الدولة ومن غياب المؤسساتية التي يتجسد فيها مفهوم الدولة وعلاقتها الدبلوماسية لأن العمل الدبلوماسي هو انعكاس لعمل الدولة وقيمها وقوّتها أو ضعفها وعجزه.

سفير بوزارة الخارجيه

حول الموقع

سام برس