بقلم/ الدكتور/ علي أحمد الديلمي
على الرغم من ان المفاوضات التي جرت بوساطة الأمم المتحدة خلال سنوات الحرب في اليمن الا انها لم تحقق أي شئ ملموس بل أصبح الخصوم أكثر رسوخاً وبدت مواقفهم غير قابلة للتوفيق ولقد أثبت مراراً وتكراراً أن اتفاقات وقف إطلاق النار التي تم التفاوض عليها كانت غير مستدامة وفشلت تدابير بناء الثقة التي كانت واعدة ذات يوم في تغيير الوضع الراهن ناهيك عن تحقيق سلام دائم .

وفي الوقت الحالي فإن الانقسام الداخلي يصب في مصلحة أنصار الله بشكل مباشر من خلال القيام بالحوار والتواصل معهم ومن خلال السماح لهم بالتعامل مع خصومهم بطريقة مجزأة ويعد الانقسام بين مكونات الشرعية المختلفة التي يدعمها السعوديون والإماراتيون علامة واضحة لعدم تماسك التحالف .

إن عدم وجود موقف واضح بشأن مستقبل الدولة اليمنية يؤثر على وحدة التحالف كما ان وضع منشآت إنتاج النفط والغاز الطبيعي اليمنية في مأرب والجنوب نقطة شائكة وغير واضحة وفي سياق الحل التفاوضي الحالي في الرياض تم ضمان قدر معين من عائدات النفط والغاز للحوثيين وقد يكون هذا حافزاً قوياً في استمرار التفاوض وبناء السلام المستدام لا سيما في ضوء وجود رغبة حقيقية لتحقيق السلام في اليمن ولكن بشأن هذا الامر يتعين على السعوديين العمل على ضمان تقاسم الموارد من خلال موقف موحد مع الاطراف اليمنية حتي لايكون هناك مخاطر وتحديات جديدة

يعمل المجتمع الدولي باتجاه إنهاء الحرب في اليمن التي خلفت أسوأ أزمة إنسانية خلال السنوات الماضية ويرى في المفاوضات الحالية بين الحوثيين والسعودية خطوة مهمة للاتفاق على تسوية مقبولة وصولاً إلى مفاوضات يمنية ـ يمنية غير أن تعقيدات الصراع في اليمن وغياب التصور لشكل التسوية يحتاج لنقاشات ومفاوضات عميقة وشاملة لان الأطراف اليمنية لايوجد لديها رؤيا واضحة بالاضافة الى ان القوى ا الإقليمية والدولية لم تتمكن من جمع الاطراف اليمنية والاتفاق على وضع تصور واضح لشكل الدولة وكيفية الشراكة في السلطة وإعادة اليمن إلى مسار الاستقرار

ان عدم وجود رؤيا واضحة ومتفق عليها سيجعل بناء السلام المستدام في اليمن عملية معقدة وكل ماسيحصل هو الاتفاق على بعض القضايا والوصول إلى تفاهمات حول بعض القضايا الإنسانية وعلى رأسها الرواتب

ان اختلاف رد فعل اليمنيين تجاه الحوار من اجل السلام لايزال محكوما بطبيعة الارتباطات الخارجية للمكونات السياسية اليمنية المختلفة بالاضافة الى مصالحها في مايتعلق بتقاسم السلطة والثروة والذي ادي الى انهيار الدولة والتى هي تعبير عن قضية وجودية كيانية بل هى قضية وطن صغرته و قزمته المكونات السياسية وعجزت تماما عن فهم وجوده وهويته ودوره وليس ثمة واحدة من تلك المكونات مهما ادعت عمق انتمائها إليه لم تنزع إلى خارج حدوده إما لاستجداء حماية وإما لاستجداء قوة وهكذا بدت كوارثنا من صنع اليمنيين وحلولها من صنع الإرادات الخارجية

*سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس