بقلم/ توفيق النصاري
اعتدنا كثيرًا على أن نسمع أو نقرأ أو نشاهد ما يدمي القلب عن قصة معاناة يعيشها الكثيرون من أساتذتنا المبدعين من التربويين والأدباء والكتاب والمفكرين والصحفيين والإعلاميين والرياضيين والفنانين، ممَّن قدموا عصارة جهدهم في خدمة الوطن والمجتمع خلال فترة طويلة من حياتهم، كلٌّ في مجاله وبطريقته ؛ إلا أن الزمن لم يرحمهم أو أن من يعيشون هذا الزمن من أولي الأمر والإدارة لم يلتفتوا إليهم أو جاروا عليهم، فنجدهم بعد كل ذلك العطاء والتألق والإبداع وبعد تقدم السن أصبحوا في حالة صعبة للغاية، ونجد صورهم وأسماءهم مشفوعة بمنشور بسيط على صفحات الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي من بعض زملائهم المخلصين أومعاريفهم المتعاطفين يناشدون الآخرين والخيرين إعارتهم نظرة ولو جبر خاطر أو لفتة وعناية ورحمة ومساعدة وتعاون، جراء تعرضهم لظرف صحي أو فاقة أو أي ظرف من ظروف الحياة، حتى أن بعضهم يموتون ولا تجد أسرهم قيمة مترين كفن لأجسادهم أو ثمنًا لقبر يسترهم، وهو آخر ما يمكن أن يجود به الوطن وأبناؤه عليهم، ناهيك عن الفاقة والحاجة التي عاشها أو تعيشها أسرة ذلك المبدع أو المفكر أو الأديب أوالصحفي أوالفنان...!
فكثيرة هي المعاناة التي تشغل حيزًا كبيرًا من حياة أولئك المبدعين والمفكرين المبتلين بقساوة هذا الزمن الذي صب غضبه على العديد منهم وأصبحوا يرزحون تحت ظروف غير أعتيادية من وضع صحي متدهور، وضائقة مادية حرجة.. وقد يبدو لمن لم يكتوِ بنار المرض وشظف العيش بأن هذا الأمر حالة عامة يمر بها الكثير من أبناء المجتمع، ويجب تصحيح المسار بشكل عام، والبحث عن حلول ووسائل لمعالجة هذا الوضع الاقتصادي والإنساني لكل شرائح المجتمع، ولا خلاف في ذلك؛ وهذا ليس معناه أن نترك مبدعينا ممن هم في أوضاع صحية ومادية حرجة لحين يتم تصحيح الحال بشكل عام.

فهذا الكلام غير منطقي؛ فهناك حالات يجب التحرك تجاهها بشكل عاجل، بتوفير المتاح من الإمكانيات ولو في حدها الأدنى، وهناك حالات كثيرة - أيضًا - تحتاج الدعم والمساندة، وهناك حالات ما تزال في بداية مرحلة الوضع الصعب ومتوقع أن تصل إلى ما وصلت إليه الحالات السابقة المماثلة، الأمر الذي يتطلب التعاون الفوري من قبل القادرين أو حتى غير القادرين لإنقاذ أصحاب تلك المهن الإبداعية الفكرية والأدبية والفنية والتربوية، من خلال تبني إنشاء وتأسيس إطار أو صندوق رعاية ومساندة لهم، في حال وصولهم إلى تلك الظروف، التي لا يحتمل مشاهدتها أو السماع بها، أوحتى التحدث عنها ، والمبادرة بمساعدتهم بما يبعث فيهم الأمل، بدلًا من الاكتفاء بالألم والحسرة والندمة.. والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه..!!

حول الموقع

سام برس