بقلم/ احمد الشاوش
يُدرك المواطن اليمني اليوم ان المجتمع بُنخبه السياسية والثقافية والفكرية والمذهبية وتكتلاته الاقتصادية ومراكز القوى العابثة ، أصبح كل واحد منهم يصدر صكوك الوطنية والغفران ، ومفاتيح الجنة والنار ، والحياة والموت.
كل طرف يدعي الوقار والفضيلة ويوزع تهم الخيانة والعمالة ، والارتزاق والنفاق ، والكفر والايمان على كل من يخالفه في الرأي .

والعجيب في الامر أن كل جماعة تفصل جلابيب الوطنية وسراويل الحرية وبالطوهات الطهارة وحسن السيرة والسلوك وفقاً للتبعية والولاء والعبودية وشهوة المال الذي يلعب بحمران العيون في طول اليمن وعرضها.
فالرئيس والحكومة والمسؤولين والمشرفين والقضاة ووكلاء النيابات والمحامين وأقسام الشرطة والمجالس المحلية والبلدية والموظفين ورجال الاعمال والتجار هم الدولة ان صلحوا وتعاملوا بمسؤولية مع الشعب وفقاً للنظام والقانون وشرع الله وبعيداً عن التفاهة ، صلُح حال الدولة والبلاد والعباد وتحسن حال المواطن وبادلهم الوفاء .

وان خضعوا للملذات وقصروا وأستغلوا وتاجروا بالسلطة وأنشغلوا بالكراسي والمناصب والمكاسب والاموال الحرام والرفاهية فسدوا وفسدوا وأسقطوا ماتبقى من وقارهم وهيبة الدولة والمؤسسات دون أن يشعروا بخطورة سياسة التجويع والافقار وقرب الكارثة والسقوط المدوي في أي لحظة حتى لوكانت لدى مراكز القوى العابثة اسلحة العالم وجيوش الارض وكنوزالدنيا ، ولنا في فرعون وهامان وقارون وشاه إيران وصدام حسين والقذافي والسادات ومبارك وابن علي وجعفر نميري والبشير وعلي عبدالله صالح وغيرهم الكثير من العبر والعضات.

لم يكتف بعض القادة اليمنيين والعرب والمسلمين والنٌخب الحزبية والسياسية وتجار الحروب ومروجي النظريات والمذاهب الهدامة ومدمني الايدلوجيا وبائعي الاحلام الوردية بالكراسي والمناصب والقصور والثروات ، بل ان بعضهم تحول الى "آلهة مقدسة" ينازع الله في ملكه ، رغم انه لايساوي جناح بعوضة أهلكت من قبله من كان أشد قوة وبأس.

لقد شطح بعض القادة والمسوؤلين المصابين بأمراض الثورة والسلطة والثروة ولم يستشعروا المسؤولية القانونية والاخلاقية والدينية في ظل وجود البطانة الفاسدة والمنافقين والمزايدين وعبدة الدينار والدرهم وتحولوا الى "قديسين" من أول نخس ، بعد ان وصل البعض بهم الحال الى تأليه البعض متجاوزين مكانة الزعماء والرؤساء وقدسية الانبياء والرُسل !!.

أمانه ماعاد باقي من بعض الحكام وبطانته وحاشيته الانتهازية واجهزته الا ان ينازع الله في حكمه وملكوته ويقول انا الله ..انا الرب .. انا الرازق .. انا الجبار .. انا المتكبر ..انا المحيي والمميت .. بعد ان تم افقار وتجويع وتشريد وتهجير وحبس الناس في كل أصقاع اليمن بسبب وبدون سبب واحياناً لكلمة طائشة في حالة غضب ومعاناة ناتجة عن الفقر والجوع والشعور بالخوف والظلم.

نشاهد صور وفيديوهات وفضائح وتقارير في وسائل الاعلام الدولية والعربية عن ابرياء وضحايا.. عن سجون مخفية ومخيفة .. عن جبابرة ووحوش بلارحمة ولا ضمير..عن حقد وكراهية وفجور في الخصومة ، دون أن يلتفت الحكام الى تلك المظالم وتطبيق العدالة ضد الكبير والصغير.

نسمع عن قطع الطرقات وابتزاز وسرقة المسافرين والمغتربين وقتلهم في مدن وصحاري اليمن نتيجة لاغلاق الطُرق الآمنة من قبل كل الاطراف الحاكمة لليمن التي نشرت ذئابها المفترسة في كل مكان لابتزاز المواطن بطريقة رسمية ومشفرة وفتحت الباب لضعاف النفوس والمجرمين.

نقرأ عن حالات الخطف والتعذيب والتجويع في سجون اليمن ومناشدات لرفع الظلم والجوع والاذلال بطول اليمن وعرضها وكل تلك الاخطاء والتجاوزات تحدث بعيداً عن الشرع وقوانين السماء وعدالة الارض وقفزاً على القيم وسمو الاخلاق والعادات والتقاليد والاعراف مايؤكد ان الانسان محور الشر في الارض واشرس من الحيوان المفترس في غياب التربية الصالحة والتجرد من الرحمة وفقدان العدالة والقيم النبيلة والبُعد عن التعاليم الاسلامية التي جاءت لتهذيب النفس وترويض البشرية من اجل التعايش والبناء والاعمار والازدهار.

كيف للاب ان يعيش بدون راتب وحقوق وفرص عمل وكيف للاسرة ان تستقر وتطمئن في ظل غياب ابسط الاحتياجات الضرورية وكيف للعائلة ان تأمن وتعيش في سلام وبعض فلذات أكبادها يتضورون من الجوع أو في السجون دون النظر الى مظلوميتهم.

وكيف للمدرس والمعلم والاكاديمي والطبيب والمهندس ان يداوم مجاناً او بأتفه الحقوق وكيف للتاجر وطالب الله على رزقه ان يعيش في ظل سياسة وثقافة الابتزاز والاتاوات والترهيب والترغيب؟ وأين دور الدولة وهل تحولت أجهزتها الى مجرد محصل عام لجمع المليارات وعالة على المواطن الفقير والمعدم الذي يبحث عن قوت يومه بشرف وكرامه في زمن سقطت فيه كرامة وعزة المواطن الشريف امام طلبات زوجته واولاده واسرته وجيرانه ومطالبات الدائنين؟.

ماهي مسؤولية الرئيس المُهيب ورئيس الحكومة الصامت ومجلس النواااااب الهزاز ومجالس المتفرطات ، واين النُخب والسُمع والاسماخ وأصحاب القعشات والمشايخ والاحزاب والبلاطجة والفلاسفة واعشار المثقفين وصعاليك الاعلاميين الذين أشعلوا الدنيا صراخاً وشُكى وبُكى من اجل التغيير الى الافضل بينما الذي حصل ان التغيير جاء الى الاسفل والادني والاسواء ، فلا الدويلات اليمنية الجديدة المعلبة والممزقة والمجزأة عرفت ماذاء يريد الشعب ولا الشعب عرف ماذا تريد الدولة ، لكن الحقيقة ان عند اشنطن ولندن والرياض وابوظبي وطهران الخبر اليقين وعندههم مفاتيح وطلاسم اللعبة السياسية في اليمن!!؟.

أخيراً .. لا ادري من هو أشد الناس عذاباً في الدنيا والآخرة هل هو السياسي الماكر الذي باع وطنه برخص الثمن أم العسكري الخائن للقسم ، ام شيوخ القبيلة الذين فتحوا أبواب جهنم لكل من هب ودب أم معشر التجار الذين حولوا الاسعار الى شرار أم العالم الدجال الذي يكيف الدين على هواه أم الاموال الخارجية الحرام التي حولت حياة اليمنيين الى جحيم بعد أن كانت اليمن آمنة ومطمئنة ولو بنصف البلاء .

كم انا سعيد ومرتااااح البال ليقيني ان الموت هو الصاعقة الالهية والعدالة الحقيقية التي لن يفلت منها الطغاة والمستبدين والجبابرة من الملوك والامراء والحكام والقادة والعلماء والنُخب والمُخبرين ومصدري الفتن وكل من تلطخت يداه بدماء الابرياء والاتقياء والانقياء والحكماء حتى لوكان في بروج مشيدة ..
اليمن بحاجة ماسة الى تحكيم العقل وتفعيل الحكمة وقيم التسامح والتعايش ومصالحة حقيقية من اجل الاجماع الوطني بعيداً عن مشاريع وشعارات الموت وانما الى العدالة والبناء والاعمار والتنمية والازدهار والمستقبل الآمن والمشرق.

نسأل الله ان يوفق كل قائد ورئيس ومسؤول الى العدالة والانصاف واصلاح ما أفسده الدهر ووقف جنون العابثين حتى يعم الخير اليمن السعيد.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس