بقلم/ د.باسم المذحجي
الاثنين المقبل.. شرم الشيخ تحتضن "قمة السلام" برئاسة فخامة السيد الرئيس (عبدالفتاح السيسي) و فخامة "صانع السلام" الرئيس الأميريكي (دونالد ترامب) لإنهاء حرب غزة.
لكن ماعكر هذه الفرحة ،هي تلكم مشاهد التنكيل التي بثتها هيئة البث الإسرائيلية، لنقل الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ،وهم مكبلي الايدي، ومعصوبي الأعين ومحاطين بعدد من الكلاب البوليسية تفوق النازية والفاشيه في إجرامها، ولذلك دعونا نقدم قراءة جديدة في آليات السلام مع إسرائيل.

_مستجدات ومعادلات جديدة في الشرق الأوسط:

واضح بأن نتنياهو لن يتوقف، و شيشن حروب جديدة لن تكون البداية في لبنان، ولن تنتهي في إيران.؛ وهكذا لسان الحال قبل "سلام شرم الشيخ " مايزال القناص في انتظار الفريسة..



لذلك لابد من معاهدة عدم الإعتداء والتعدي مالم سندخل مرحلة سباق تسلح، وتكتلات، وتحالفات عسكرية غير معلنة تردي السلام في مقتل.

جرت العادة بأن معادلة الشرق الأوسط الجديدة : القوة تصنع السلام كما أخرجها( دونالد ترامب) للعلن، لكن الضغط على الخصم"حماس& فلسطين" لا على الحليف" إسرائيل" منح القوة العسكرية كأداة تفاوض لن تقتصر على حماس بل قد تُدار البوصلة فورًا نحو لبنان وسوريا والعراق واليمن...الخ.

قبل / بعد الهجوم على قطر كان واضح بأن هناك استراتيجبة غير معلنة تتمثل في عزل الحلفاء الاقليميين لحماس وممارسة الضغوط على قطر وتركيا وقس على ذلك.

بإختصار واقعنا المعلن يقول بأن سرائيل تسعى، بحسب نتنياهو، لتهجير سكان غزة والسيطرة عليها، بينما تطالب "حماس" بانسحاب كامل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

والمعادلة السابقة شأنها شأن أي معادلات فيها الثابت والمتغير:
حيث قُتل أكثر من 46 ألف فلسطيني خلال العمل العسكري الإسرائيلي، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، ودُمرت الكثير من البنية التحتية في جميع أنحاء القطاع بسبب الغارات الجوية. بينما أدى هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 آخرين كرهائن.

مؤخرًا أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل ما لا يقل عن 58 ألفاً و26 فلسطينياً وإصابة أكثر من 138 ألفاً و500 بجروح في الفترة ما بين السابع من أكتوبر 2023 و13 يوليو (تموز) 2025. ويشمل ذلك العدد أكثر من 7200 قتيل منذ انهيار وقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار).

الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط :

بالرجوع الى ذاكرة التاريخ وتحديدًا 25 يوليو/ تموز من عام 1969 أعلن الرئيس الأميريكي " ريتشارد نيكسون" عن تغييرات في ملامح السياسة الخارجية الأمريكية أُ،طلق عليها "عقيدة نيكسون"، ركزت بالأساس على التحول من التدخل العسكري المباشر لمساندة حلفاء الولايات المتحدة، واستبداله بدعم اقتصادي وعسكري لهؤلاء الحلفاء. إن تلك العقيدة التي قال نيكسون إنها لم تكن تهدف إلى إنهاء الحرب في فيتنام فحسب، بل أيضا إلى الحيلولة دون تكرار تلك الحرب مستقبلا،لكن مامدى تأثيرها على منطقة الشرق الأوسط والخليج يومنا هذا؟!
ماحدث في 2025 أنَّ الولايات المتحدة انخرطت، في صراع إقليمي واسع النطاق لتأكيد تفوُّقها، واستخدمت أدوات مختلفة أبرزها القوَّة العسكرية لحماية أمنها.

وفي المقابل انتهزت إسرائيل هكذا فرصة ،وأعادت الصراع والفوضى من جديد للمنطقة، وعطَّلت مشروع الاستقرار، الذي كانت تقوده القُوى الرئيسية الفاعلة في المنطقة، وفي مقدِّمتهم المملكة العربية السعودية.

الثابت:
النقطة الأولى هي أن الكيان الصهيوني “إسرائيل” هو حجر الزاوية في السياسة الأمريكية في المنطقة، وأن الحفاظ على أمنه وتفوقه العسكري كقوة إقليمية كبرى هو جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الأمريكية.

النقطة الثانية هي الاستفراد بالهيمنة على المنطقة باعتبارها منطقة نفوذ أمريكي، في إطار الصراع على النفوذ العالمي مع القوى الكبرى الأخرى.

النقطة الثالثة مرتبطة بالهيمنة على مناطق النفط وخصوصاً نفط الخليج وغاز حقل ظهر في مصر حتى حقل افوديت في قبرص وفلسطين المحتلة، لتأمين احتياجات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين واليابانيين وغيرهم من النفط بأسعار “معقولة”؛

النقطة الرابعة هي الهيمنة على خطوط الملاحة والتجارة الدولية في المنطقة، وضمان انسيابها بما يخدم المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها، ومنع تعطيلها من أي قوى إقليمية أو دولية. وهذا ينطبق على تأمين على انسياب التجارة والملاحة عبر مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس.

ولذلك، يظل هامش التغيير في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط محدوداً في طريقة إدارة الثوابت والتعامل التكتيكي والمرن مع التطورات. وهي في كل الأحوال لن تقف باستمرار بجانب الشعب الفلسطيني ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، ولن تقوم بالوقوف مع الشعوب لتغيير الأنظمة الفاسدة والمستبدة طالما تخدم مصالحها؛ . غير أنها مؤخرًا قد تتعامل بواقعية وبراجماتية وتفرض على إسرائيل توقيع معاهدة عدم الإعتداء والتعدي على البلدان العربية و/ أو إعلان الإعتراف بالدولة الفسطينية. ولكن أخشى ما أخشاه أن إسرائيل تعيد نشر الفوض بالحرب من جديد.

رغم تفائلي كثيرًا بالرئيس الأميركي (دونالد ترامب)، فانني أقف حائر الى متى سيستمر استخدام أميركا الدائم لحق النقض في الأمم المتحدة لحماية إسرائيل ، أو دعمها لنظام الأبرتهايد في إسرائيل الذي لا يختلف بحسب تشومسكي عن نظام جنوب أفريقيا العنصري.

فمنذ بداية ستينيات القرن الماضي - يقول تشومسكي - «حتى وقتنا الحاضر إذا رفعْتَ اسم»جنوب أفريقيا«ووضعت مكانه»إسرائيل«لوجدت أن الأمر متشابه تماماً» (تشومسكي، ص121) لكن الفارق برأيه، أنه في الحالة الفلسطينية ثمة إمعان في الفصل العنصري وتشريد الفلسطينيين.

وبالتالي ألم يحن الآوان ليعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالدولة الفسطينية.
آمل ذلك في شرم الشيخ.
*باحث استراتيجي يمني.

حول الموقع

سام برس