الدكتور / علي أحمد الديلمي
يشهد الجنوب اليمني مسارا متسارعا نحو تكريس واقع سياسي جديد أقرب إلى دولة داخل الدولة حيث لم تعد تحركات المجلس الانتقالي محصورة في إطار النفوذ الأمني أو العسكري بل تجاوزت ذلك إلى بناء اصطفاف إداري وسياسي متدرج مستفيد من حالة الضعف التي تعانيها الشرعية وتآكل قدرتها على إدارة المحافظات الجنوبية أو ضبط إيقاعها
انضمام شبوة عبر إعلان المحافظ عوض الوزير يمثل نقطة تحول مهمة في هذا المسار إذ يعكس انتقال المحافظة من موقع الترقب إلى موقع الالتحاق العلني بخطوات الانتقالي وهو ما يمنح المشروع الجنوبي بعدا جغرافيا وسياسيا أوسع ويؤكد أن ما يجري لم يعد مجرد تفاهمات خلف الكواليس بل أصبح إعلانا سياسيا مباشرا يعيد رسم خارطة السيطرة في الجنوب
أما حضرموت فما تزال تمثل الحلقة الأثقل في هذا المشروع فرغم أن موقف المحافظ الخنبشي يبدو حتى اللحظة أقرب إلى فريق رشاد العليمي إلا أن التجربة اليمنية أثبتت أن الولاءات السياسية سريعة التحول في ظل الضغوط المركبة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وهو ما يجعل سيناريو انضمام حضرموت إلى بقية المحافظات الجنوبية احتمالا قائما في أي لحظة
في ضوء هذه التطورات باتت الخيارات الثلاثة كلها مطروحة أمام المجلس الانتقالي دون استثناء إعلان الاستقلال كخطوة كبرى محفوفة بالتحديات أو الذهاب نحو صيغة دولة داخل الدولة كمرحلة انتقالية أقل كلفة سياسيا وإقليميا أو إعادة إنتاج محاصصة جنوبية داخل الشرعية تكون بيد الفاعلين الجنوبيين أنفسهم لا بيد مركز القرار في الرياض أو فريق العليمي
المحصلة أن الجنوب يتجه نحو فرض واقع سياسي جديد لا تحكمه النصوص الدستورية ولا مخرجات الاتفاقات بل تفرضه الوقائع على الأرض ومع استمرار تآكل الشرعية وغياب مشروع وطني جامع تبدو المرحلة القادمة مفتوحة على تحولات عميقة قد تعيد تعريف شكل الدولة اليمنية وحدودها ووظائفها في المستقبل القريب


























