بقلم / ريم خليفة
يوم الجمعة الماضي( 29 مايو/ ايار 2015) شهدت مدينة الدمام الكائنة في شرق السعودية محاولة أخرى لقتل المصلين في مسجد العنود. لكن هذه المرة لم يقتل المصلين كما حدث في " القديح" بالقطيف ولكن راح ضحية هذا الحادث المأساوي أربعة وليس ثلاثا كما جاء في بعض التقارير الصحافية الاولى.

شبان حموا المصلين كدروع من إرهابي تنكر بزي امرأة وهو يحاول أن يدخل مصلى النساء بالمسجد. الإرهابي الذي انكشف أمره لكون مصلى النساء كان مغلقا. فر هاربا من الشبان الذين لحقوا به لكن عندما امسك احدهم بالإرهابي انفجر الحزام الناسف على أجساد الجميع التي تطايرت فيها الأشلاء مترامية هنا وهناك لعبدالجليل واخيه محمد الاربش وابن خالتهم محمد العيسى والسيد عبدالهادي الهاشم واحترقت السيارات في محيط المسجد. هكذا انتهت الحادثة بدقائق وبعد أن بدء الخطيب لتو يتكلم باديا خطابه كما جاء في التسجيل الذي تناقلته شبكات التواصل الاجتماعي “ المسجد بيت من بيوت الله” ثم فجأة يسمع الانفجار ويخرج المصلين مفزعين.

إن ما حدث يبدو كمشهد لفيلم سينمائي وربما هذه الحادثة تترجم في يوم من الأيام إلى حكاية فيلم لهوليود. فهذه الحادثة تعد واحدة من أبشع الحوادث التي حدثت في منطقة الخليج وتحديدا من مدينة قريبة جدا من جزيرتنا البحرين. وهي تؤكد كما أشرت في مقال سابق اختراق الأمن من خلال بوابة الخليج الشرقية المضطربة سياسيا.

إن مسلسل الإرهاب واستهداف مختلف الأعراق والعقائد والمذاهب المختلفة وحتى بشان الاختلاف في الرأي يفتح باب التساؤل عن هذا الإرهاب الذي يراد منه خرس الأصوات إلى الأبد والبحث عن صور لشغل الرأي العام بقضايا تقسمه بدلا من أن تجمعه. فيقتل من يقتل ويزج من يزج بالسجون ويعذب من يعذب بقصد إقصائه.

والحديث عن العمليات الانتحارية هي مسالة معقدة للغالية والبحث عن أسبابها قد ترجع إلى تراكمات المنطقة العربية من أحداث سياسية شتى أسست إلى ثقافة الموت عبر عمليات انتحارية وكأسلوب سريع لتخلص من الأخر وتخويفه. وهذا تماما ما حدث مع بداية الصراع العربي الإسرائيلي عندما بدأت هذه العمليات تسمى بالعمليات الفدائية ضمن أجندة المقاومة وتحرر الشعوب في حقب زمنية سابقة. وكانت تخلف معها ضحايا لكلا الجانبين. وهي الآن وصلت إلى عقر دار دول الخليج التي يكثر فيها المتحمسون بالأفكار المتشددة والإرهابية.

في الواقع تبدو عملية عبثية وغير منطقية إطلاقا أن يتم تحليل هذه الحوادث بقصد آخر فهذه العمليات الانتحارية لا يمكن تبريرها أو تفهمها في أي حال من الأحوال، ومن غير الصواب تجزئة النظر والموقف من الإرهاب. كما أن ما تنادي به هذه الجماعات المتطرفة لا يهدف إلى تطوير وحماية المجتمعات، بل على العكس فهي تسعى إلى تفكيكه وتدميره.

إن مراجعة ما حدث في السعودية والمنطقة ككل هي ضرورة ملحة تستوجب التركيز في جوانب مفيدة وهامة من اجل مواجهة سرطان الإرهاب. ولابد من الحذر في تناول هذه القضية، فعملية الخلط قد تجعل التصدي اكبر مما نتصوره وربما أصعب وأكثر تعقيدا ويستفيد في نهاية المطاف من هم وراء التفجيرات والعمليات الانتحارية واستقطاب عناصر جدد يغرر بهم.

ولذا فانه من الضروري التصدي إلى ثقافة الموت والكراهية التي توقع بالمزيد من الضحايا في فخ الإرهاب والجنة المنتظرة. وهذا يقتضي المكاشفة فثمة هناك خلل فيما يصب باسم الإسلام وتعبئة عواطف الشباب.وهذا ما يبرهن على تعرض المنطقة لمخطط يسعى إلى تقسيمها يوما بعد يوم تحت تبريرات كثيرة.
كاتبة واعلامية بحرينية
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس