بقلم/ضيف الله الشامي
تمثل القدس الشريف بالنسبة للشعوب الاسلامية محور ارتكاز مهما في تاريخها ومعتقدها وثوابتها ، والمسلم يرتبط فطريا منذ ولادته بكل المقدسات الاسلامية ارتباطا روحيا وقيميا.

ولما لذلك الارتباط من أهمية فقد ركز أعداء الامة على استهدافها في تلك الثوابت واتجهت المؤامرات الصهيونية – السعودية – التركية ضمن خطة ممنهجة للسيطرة على كل المقدسات الاسلامية وكانت البداية من (فلسطين) والسيطرة على (القدس الشريف).

ولان السيطرة العسكرية والاحتلال المباشر لفلسطين ظهرت لها تداعيات سلبية بداية تنفيذ تلك المؤامرة حيث تحركت الشعوب وشكلت ضغوطا كبيرة على أنظمتها وأوقعتهم في حرج مع شعوبهم , عمد الاعداء والمتآمرون الى تحويل (القدس) من قضية إسلامية تهم كل المسلمين الى قضية “قومية” لتخفيف حالة السخط والتحركات للشعوب المسلمة آنذاك وحولته الى سخط عربي قومي مستغلة بذلك حماس بعض الزعماء القوميين العرب وتآمر البعض الاخر لتوجيه ذلك الحماس والسخط في الاتجاه القومي وتقزيم القضية العامة للمسلمين الى قضية قومية تخص العرب تحت مسمى (تحرير فلسطين) والدخول في اتفاقيات ومفاوضات تعزز ذلك المخطط كاتفاقية “اوسلو” و “كامب ديفيد” وما شابه ذلك.

وتحركت مصاحبة لها أبواق الصهيونية في الوسط الاسلامي للترويج للقضية القومية (فلسطين) كجغرافيا وليست (القدس) كمقدس ومعتقد ثابت بين المسلمين.

وبالفعل نجحت تلك المؤامرة وانخدع المسلمون عموما والعرب خصوصا بتلك المؤامرة وسلمت القضية الى أيادي “زعامات قومية” تدين بالولاء والطاعة المطلقة للكيان الصهيوني الغاصب وباعوا حتى عروبتها وقوميتها وسلموها على طبق من ذهب للصهاينة ، وبدأت النبرة القومية تتغير شيئا فشيئا ومعها تتقزم المواقف بالانحدار نحو الانحسار.

وأصبحت الاصوات العميلة في الحكومات العربية خصوصا تطالب بإقامة (الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف) كمطلب مجته الاسماع لعشرات السنين وحفظه الاطفال لكثرة سماعه وترديده على ألسن زعماء العمالة والارتهان في كل البلدان العربية مما عزز الوهن والهزيمة في نفوس المسلمين وأصبحوا يطالبون المحتلين بالسماح لهم بإقامة دولتهم بجوار دولة الكيان الصهيوني المحتل والغاصب .

لم يبق الامر كذلك فقط …!! بل عمد الصهاينة والمتصهينون العرب الى العمل على عدم استقرار أي حكومة أو دولة فلسطينية من خلال زرع الفتنة والاقتتال بين الحركات الفلسطينية والتي أصبحت للاسف الشديد تلهث وراء السلطة أكثر من حرصها على تحرير الارض وتبني القضية العامة وأصبحت وزارات العدو الغاصب تسير الامور بذريعة غياب السلطة ((الشرعية)) .

هذه المتغيرات السياسية الكبيرة لم تكن لتحدث لو استشعر أبناء الشعوب الاسلامية خطورة العدو وأذرعه التآمرية والذين وصلت بهم البجاحة والقذارة والسوء الى المجاهرة بالعلاقات المتينة مع الكيان الصهيوني وتتويجه سيدا للقانون الدولي في العالم والذي يمثل تحديا واضحا لقومية شعوبهم ومبدئية إسلامهم واستهتارا بمقدساتهم..؛؛ فلا مقدسات ولا قوميات ولا قيم اسلامية تبقت لديهم ناهيك عن أن يكونوا أصحاب مبادئ وأخلاقيات ولو كانت من موروث

الجاهلية الاولى كالشجاعة والنجدة وإغاثة الملهوف والانتصار للعروبة وغيرها.
لذلك فالقدس قضية ثابتة لدى المسلمين معتقدا وأصالة لكنها أصبحت متغيرة في ظل صمت الشعوب وخنوعها لاعداء الامة الاسلامية بشكل عام ..
لكن الامل معقود بالله وبوعي الشعوب المتنامي بخطورة العدو الصهيوني وضرورة التحرك في مواجهة الطغاة والمتآمرين كأمة إسلامية موحدة تحيي قيمها وتستعيد مقدساتها وتنتصر لدينها ومبادئها .

*نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس