بقلم / علي البخيتي
تحولت الحرب في اليمن الى حرب منسية، حيث تراجع الاهتمام الدولي بها كثيراً، وتكاد تخلوا نشرات أخبار أهم القنوات في العالم من أي خبر رئيسي عنها منذ عدة أشهر، لقد وصلنا الى ما حذرنا منه منذ أكثر من عام، حيث أصبحت الأزمة اليمنية مثلها مثل أي أزمة مزمنة، يضطر العالم والمجتمع الدولي للتعامل معها وفقاً لمفهوم إدارة الأزمة ويسعى للحد من مخاطرها لا وفقاً لمفهوم حل الأزمة والسعي لمعالجتها بشكل كامل.

فشِل التحالف الذي تقوده السعودية وحلفائه اليمنيين في إرساء نموذج إيجابي في المناطق التي أسقط سلطة الحوثيين فيها، فقد عمت الفوضى والانفلات الأمني وانتشرت المجموعات المسلحة المتطرفة واستمر الفشل في إدارة الخدمات وتوفير المواد الضرورية، وأضحت المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين أكثر استقراراً وأمناً بل وأكثر توفيراً للخدمات والمشتقات النفطية وغيرها، فمثلاً حدث عجز كبير في انابيب الاكسيجين وأزمة خانقة في المشتقات النفطية في مدينة عدن الجنوبية -الغير محاصر ميناءها ولا عقوبات مالية على التحويلات المالية منها واليها- خلال الشهرين الماضيين فيما كانت الأوضاع في صنعاء أحسن بكثير التي تخضع هي والموانئ القريبة منها لحصار مالي ورقابة وعمليات تفتيش تعيق الكثير من حركة التجارة.

أهم أسباب الفشل تتحمله إدارة هادي (الرئيس الشرعي الذي يعترف به العالم) بسبب الفساد الذي يمارسه نجله جلال عبر عدة مستويات والذي ابتلع مئات الملايين من الدولارات –منذ بداية الأزمة- من أموال التحالف ولم تصل الى وجهتها الصحيحة، وهذا موضوع يحتاج الى مقال مستقل لكي ننقل تفاصيله الى القراء الأعزاء.
وهناك فشل في الضفة الأخرى، فسلطة الحوثيين فشلت في تحقيق أي اختراق يذكر في مسألة الاعتراف بها كسلطة شرعية، حيث لم تعترف بها بعد مرور عام ونصف على انقلابها حتى دولة واحدة بما في ذلك إيران أقرب حلفاءها، كما أنها لم تتمكن من تقديم نفسها كسلطة وطنية، بل رسخت نفسها من خلال ادارتها للمناطق التي تحت سيطرتها والتعيينات والقرارات التي تصدر عنها ومن خلال خطابها الإعلامي والسياسي كسلطة طائفية تقوم على أساس فكر سلالي عنصري أعاد الى ذاكرة اليمنيين نظام حكم الإمامة ما قبل عام 62م، مع أن ذلك النظام أفضل من نظام الحوثيين الحالي بكثير، وعلى عدة مستويات، ولا مجال هنا لعمل مقارنة، إضافة الى أنها فشلت بعد محاولات حثيثة -قام بها محمد عبدالسلام المتحدث باسمها ورئيس فريقها التفاوضي في مدينة ظهران الجنوب السعودية- في اقناع الرياض أنها لا تشكل خطر على نظامها، وأنها ستتحول الى دولة تحترم اتفاقات الحدود، وتبتعد عن ايران وعن الشعارات الثورية ومبدأ تصدير الثورة، وستتوقف عن استهداف النظام السعودي والتحريض عليه.

وبالانتقال الى الحوار الدائر في الكويت نلحظ ان الآمال المعلقة عليه فترت كثيراً بعد فشله في التقدم ولو بخطوة واحدة بعد ما يقارب الثلاثة أشهر على انطلاقه وعادت العمليات العسكرية الى سابق عهدها بعد فترة وجيزة من توقفها بشكل جزئي في بعض المناطق، وأضحى المتحاورون في الكويت ينتظرون التقدم على مستوى الميدان ليبنوا عليه مواقفهم على الطاولة.

ومن خلال ما سبق أتوقع أن الأوضاع ستراوح مكانها خلال الأشهر القادمة، ولن يتمكن أي من المعسكرين من تحقيق اختراق مهم أو نصر كامل في الحرب ما لم يُحدث تغيير في ذاته، فأما أن تقرر دول التحالف الحد من صلاحيات هادي والاستفادة من شرعيته دون أن يكون بيده سلطة مالية أو إدارية، وتعمل على انشاء قيادة يمنية جديدة –تحت أي مسمى لا يمس من ناحية الشكل بشرعية هادي- تحظى بثقة الكثير من الأطراف لتقود المعركة مع الحوثيين وتسعى لتحييد حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق صالح أو تسعى للتصالح معه ولو من تحت الطاولة أو على الأقل تطمينه بطريقة قد تشكل نقلة نوعية وتغيير ملموس في موازين القوى وأطراف الصراع على الأرض، أو يتمكن الحوثيين من احادث اختراق عبر إقناع السعودية أنهم البديل المناسب بعد أن يقدموا لها مزيد من التنازلات، أو تحدث متغيرات إقليمية أو دولية تربك كل الحسابات التي نبني عليها توقعاتنا الحالية.

*نقلاً من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس