بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
حالة من الذهول والاضطراب والتفكير العميق ماتزال مسيطرة على الكثير من العرب والمسلمين بعد ان تم تجنيد وتجييش جماعة الاخوان المسلمين وتسفير الشباب المسلم الى مراكز التجنيد في " مكة" في الثمانينات واستقبالهم من قبل علماء دين تابعين للمخابرات السعودية والامريكية واخضاعهم لسلسلة من الخطب والمحاضرات وتزويدهم بالفتاوى وتسفيرهم الى " بيشاور " لتدريهم على كافة انواع السلاح بواسطة المخابرات والجيش الباكستاني  والزج بالشباب المسلم المؤدلج الذي تم استمالتهم تحت ايقاعات الجنة وبنات الحور والفردوس الاعلى للقضاء على الشيوعية الملحدة وطرد الروس واقامة الخلافة الاسلامية!!؟ .

ليصحو من كُتبت له الحياة من جحيم " الجهاد" السياسي المقنع بستار الدين الزائف أنهم ضحية وان دمائهم واعراضهم واموالهم لعنة في رقاب تلك الادوات الرخيصة بعد ان علموا ان ليس للإسلام في تلك المعارك ناقة ولاجمل ، رغم اندفاعهم الصادق وخيالهم بلاحدود بدولة الإسلام الحاملة لقيم الرحمة والمحبة وتخندقهم في الصفوف الأولى دون ان يعوا انهم وقوداً لتلك المصالح ومهمتهم اولاً واخيراً مبرمجة سلفاً للحفاظ على مصالح أمريكا وسلامة جنودها ، ودون ان يدركوا انهم مجرد " قرابين" لسياسات واشنطن وتل ابيب ولندن وباريس عبر فتاوى علماء الرياض وتجييش الراي العام وتسخير الحملات الاعلامية وشراء المواقف والذمم والحديث عن معجزات المجاهدين!!؟ التي دغدغت عواطف واحلام الشباب .


والعجيب في الامر تحول اعشار العلماء والمغرر بهم الى شحاتين على أبواب المساجد والمؤسسات التجارية والمدارس الحكومية لجني  المليارات من المساعدات والصدقات والزكوات ، ناهيك عن مليارات الدولارات التي دفعتها دول الخليج  لامريكا ودول الغرب مقابل السلاح وغيره في معارك أبعد ماتكون عن الإسلام الحنيف ومصالح العرب والمسلمين والإنسانية جمعاء.


ليكتشف العالم العربي والإسلامي والكثير ممن نعرفهم من العقلاء الذين شاركوا في تلك الحروب وتبينوا الخيط الابيض من الخيط  الاسود ان " الجهاد " على الطريقة الامريكية في افغانستان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ،، بإطل بإجماع حكماء وشرفاء الامة وان حرب الخليج الاولى بين الجارين المسلمين العراق وايران ، والثانية التي تم فيها غزو الكويت ماهي إلا امتدادا لسياسات ومصالح الغرب المفترس الذي حول الخلاف الى حرب عقائدية والصورة الاخرى جغرافية!!؟.


وان الدعوة الى اثارة شعوب الشيشان والبوسنة والهرسك المسلمة والدمار والدماء والمشاهد المرعبة التي أبكت العالم إلا صورة بشعة من النوايا الاجرامية لقادة الغرب بقيادة القطب الامريكي المستبد الذين سعوا لأثارة القوميات والمذاهب والطوائف والمعتقدات لتجزئة الدول والشعوب المستقرة من الدا خل  تنفيذاً لسيناريوهات المصالح المتوحشة وتعهدوا بحماية تلك الأقليات زوراً وغضو الطرف عن المجاز وانتهاك حقوق الانسان .


 ولم يكتف الجلاد الامريكي بابتزاز ثروات الوطن العربي وفي مقدمتها منطقة الخليج بل واصل تصدير الانقلابات والثورات والفوضى مستغلاً الإسلام السياسي وتحت ايقاعات الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الانسان والأقليات العرقية والانظمة الديكتاتورية ، في حين دافع باستماته بالقوة العسكرية والاعلامية والسياسية والدبلوماسية وفي المحافل الدولية عن الانظمة المستبدة بكافة نظمها الملكية والجمهورية والمليشيات والجماعات المتطرفة والارهابية رغماً عن أنف الشعوب والمبادئ والمثل التي جعل منها مادة مخدرة وافيون للبسطاء وطُعم لتركيع الشعوب ونهب خيراتها وتدمير المنطقة وخلق شرق اوسط مشوه .


وواصل العم " سام " جبروته وضغوطه بدفع " قطر " الى تبني مشروع الربيع العربي الهدام ، بحسب اعترافات وتصريحات رئيس الوزراء القطري السابق "  حمد بن جاسم " بعد ان دمر وهجر وشرد وأبكى الملايين من ابناء الامة العربية والاسلامية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا والعراق ولبنان وبعض دول افريقيا دون اطلاق أي رصاصة بإتجاه العدو الاسرائيلي الغاصب .


وللأسف الشديد  بعد كل هذه الاحداث المؤسفة والجهاد الزائف والغزوات المضروبة والغنائم المسروقة والرؤوس المقطوعة والجثث المحروقة والدمار المرعب ونكاح الجهاد وأنتهاك اعراض المسلمات والايزيديات والمسيحيات وسلب الاموال وبيع الاطفال والنساء تحت " فتاوى " شيطانية أساءت الى " الاسلام " الحنيف وشوهت بأبنائه المؤمنين المسالمين وجعلت كل مسلم مسجل خطر في كافة موانئ ومطارات وشوارع العالم بأموال وثروات الامة


لنكتشف بعد كل هذه السنون ان الجهاد في فلسطين وتحرير " القدس " الشريف " أصبح فرض كفاية في نظر علماء " الإسلام السياسي"ومجرد لافتات موسمية كالتخفيضات ، وان " جهاد " النكاح " مجرد نزوة" وتحرير " القدس" الشريف يبدأ من دمشق ، وتحرير فلسطين من مصر والقضاء على المجوس والرافضة من اليمن في مغالطاه تغضب الرحمن ووقاحة تقشعر لها الابدان  بعد ان تاجر القادة والامراء والملوك  والنخب السياسية والمثقفين ورجال الاعلام والصحافة وعلماء السلطة بالدين والوطن والامة وحولوا كل شيء الى سلعة وتحولوا الى أبواق في دهاليز وصالونات ومؤتمرات الغرب لتنفيذ ماتبقى من البيت العربي واستجداء وحوش الغرب  البقاء في مناصبهم!!؟.


 ولنكتشف مع الاسف الشديد ان صكوك الغران ومفاتيح الجنة وبنات الحور والفردوس الاعلى مجرد محض افتراء وحالة من الـ" وهم" والمغالطة بعد ان بالغوا في الفجور والحقد والكراهية والعداء وحرفوا كلام الله وفصلوآيات القرآن الكريم والسنة النبوية وزوروا التاريخ العربي والإسلامي وفق الاهواء وسياسة الدفع المسبق التي أسست وفرخت القتلة والماجورين عبر السنين وصنعت في العصر الحديث القاعدة وداعش والنصرة والشام وبيت المقدس وجيش محمد والجهاد وبوكو حرام ،،، الذين استبدلوا بنات الحور باليزيديات ، وقبلة المسلمين بالبيت الابيض ، والقدس الشريف بحانات فرنسا ، والفردوس الاعلى بـ " الهايد بارك" ، ومفاتيج الجنة لفتح خزائن بيت مال المسلمين والانقلابات للسيطرة على السلطة ، وصكوك الغفران بموالاة اليهود والنصارى.


لتدور الدوائر على " المفلسين" من جماعات الإسلام السياسي والإرهاب " الوهابي" واتباعهم الذين باعو دينهم وتآمروا على اوطانهم واغووا شعوبهم واوقدوا نار " الفتنة" بثمن بخس ، ليجنوا جزاء انحرافهم  ويتم استنزافهم واستهلاك الكثير من فصائل مايسمى المجاهدين في بقاع الارض، وملاحقتهم واعتقالهم في سجون غوانتانامو والبلدان العربية بعد ان شكلوا خطراً على أوطانهم وبلدانهم والزج بهم من جديد للجهاد في سوريا والعراق وليبيا واليمن لتدمير الامن القومي العربي خدمة للعدو الاسرائيلي واستنزاف ما تبقى من هذه الجماعات الخطيرة التي أثبتت الأيام ديكتاتوريتها ودمويتها وفشلها في السلطة وترسيخ قيم التسامح والتعايش الإنساني  !!.


 ، وبعد هذا الفشل والصعود الى السلطة في بعض الدول العربية عبر فوضى الشارع ببساط الريح الامريكي ، هاهي جماعات التطرف والتوحش تنتهي وتتعرى امام الامة بعد ان صُدم الشارع العربي والاسلامي بحجم المؤامرة والارتهان تحت الايقاعات الصاخبة للاسلام السياسي.


 وهاهي هذه الأدوات اليوم تدفع ثمن خطاياها وفجورها ودمارها بعد ان انقلب عليها الرئيس الامريكي ترامب وتوعدها السيسي ولاحقتها الامارات تحت شعارمحاربة الإرهاب والتطرف كنهاية خدمة لما قدمته من مآس بعد ان كشفت هيلاري كلينتون وكبار رجال المخابرات دور امريكا والسعودية القذر في دعم تلك الجماعات الارهابية وتورط بعض حاملي ذلك الفكر  في تفجيرات أحداث سبتمبر الامريكية الذي اتضح ان 15 سعودياً من بين 19 أرهابياً نفذو تلك الجريمة بدعم مسؤولين وجمعيات في الرياض بعد ان أدمت الوطن العربي ووصلت مخالب هذا الفكر المتطرف الى لندن والمانيا وفرنسا ،،، ليشرب من نفس الكأس الذي أسقى العرب منه.


ورغم ان التطرف والتشدد والارهاب نبت عوده فكراً ومالاً في السعودية بضؤ اخضر امريكي وبرعاية بريطانية إلا ان قادة العالم وفي طليعتهم امريكا وبريطانيا تتعامى وتغض الطرف عن موطن هذه " الافة " بعد ان دفعت السعودية 460 مليار دولار لواشنطن ومبالغ اخرى لبريطانيا وأخواتها في صفقات مشبوهة للتستر على حقيقية" الإرهاب السعودي"  كون واشنطن وحلفاؤها توجه آلتها العسكرية بعيداً عن الـ " بؤرة " الحقيقية لموقع الارهاب .


ورغم ذلك تؤكد كل الشواهد على اقتلاع جذور تلك التنظيمات الارهابية وما  اتهام " قطر " بالإرهاب إلا جزء من الحقيقة الغرض منه التعتيم على جرائم  " الرياض "وواشنطن ولندن وتل ابيب في تمويل ودعم الارهاب العالمي ومحاولة لـ " ترويض " قطر وشل التهمة بالكامل!!؟.


فهل يستح قادة أمريكا العالمون بإدق التفاصيل الذين توعدوا السعودية بمقاضاتها وتعويض الضحايا الأمريكيين،  وهل يتق الله علماء وسياسيو السلطة  في السعودية وقطر واليمن ومصر وتركيا والامارات والسودان والعراق وتونس وليبيا ولبنان ،،، وهل يراجع قادة وملوك ورؤساء العالم العربي والاسلامي ضمائرهم وتفعيل ما بقي لديهم من القيم الدينية بعد ان دمروا وادموا وهجروا وتسببوا في قتل الملايين من الابرياء لخلافات شخصية تارة والتبعية تارة اخرى والغرور والتكبر ؟


وهل تراجع نُخب الاسلام السياسي ضمائرها وتتحرر من التبعية  وتعلن التوبة وتعتذر عن اخطائها وتصحح المفاهيم والافكار المغلوطة التي أغوت بها الشباب المسلم ، وهل تراجع النخب التقدمية سياساتها وتتطهر من ادرانها وتصحو ضمائرها بعد ان صارة تارة أداة بيد الإسلاميين وأخرى في أحضان الرجعية وثالثة بيد أمريكا والغرب من اجل التسامح والتعايش والسلام والمساهمة في بناء الأوطان !!؟ مالم فالقارعة قاب قوسين او ادنى .


ورغم كل ذلك السقوط المريع والنهاية المأساوية للأحزاب والجماعات الإسلامية والسقوط المدوي للأحزاب التقدمية التي كشفته أزمات اليمن ومنطقة الشرق الأوسط إلا ان بعض الهامات الوطنية الشريفة حافظت على قيمها وتوازنها ولم تصبح مطية اوأداة رخيصة بيد حكام الشرق والغرب رغم أساليب الترغيب والترهيب والوعيد ، مما جعلها جديرة بالاحترام .


Shawish22@gmail.com


حول الموقع

سام برس