بقلم/الدكتور / علي أحمد الديلمي
الجنوبيين والشماليين يبحثون عن حقوق وصلاحيات يعتبرونها حقهم المسلوب منهم اليوم هناك جزء من اليمنيين مع تغيير نظام الحكم وجزء أخر مع إجراء تعديلات تعيد لهم صلاحيات الأمس أو على الأقل جزء كبير منها لكن مع الإبقاء على شكل النظام الجمهوري الحالي .

فيما جزء لا بأس فيه من اليمنيين مع فكرة تغيير النظام الحالي ومضمونه والذهاب إلى نظام فيدرالي يعطي للجنوبيين نوعاً من الإدارة الذاتية كما حدث مع حضرموت حيث يعتبر الجنوبيين حسب الحديث المعلن وغير المعلن سواء في اليمن او في عواصم دول خليجية او عالمية بأن أعداد الشماليين المتزايدة في المناطق الجنوبية هي من أكبر الأخطار عليهم ويعتقدون بأنهم يملكون القدرة على إدارة دولة الجنوب كنموذج متطور أفضل من مشاركة الشماليين معهم في ادارة المناطق الجنوبية وهم يعلنون دائما النجاحات التي حققوها في تحرير مناطق وقري الجنوب من الشماليين وهو حديث سياسي اكثر مما يعبر عن الواقع حيث ان المناطق الجنوبية لازالت تعاني من نقص الخدمات والانفلات الامني والخلافات الجنوبية الجنوبية بصورة اسواء مما يحدث في مناطق الشمال في نفس الوقت الذي يوجد عدد كبير من الجنوبيين لا زالو مع خيار الدولة الاتحادية.

أما انصار الله فهم الأكثر تحمساً للأدارة الذاتية في ظل الدولة الاتحادية وتاريخياً لم يصلوا يوماً إلى المستوى التنظيمي الذي يعيشونه اليوم إن كان على المستوى السياسي أو حتى العسكري ويتنافسون مع تيار الاخوان المسلمين حزب (التجمع اليمني للاصلاح ) إلا أنهم أكثر استقراراً وتنظيماً من الاخوان المسلمين في الوقت الحالي وانعكست خسارة الاخوان في الصراع مع الحوثيين في صنعاء ومعظم المناطق الشمالية والذى أدى الى بروز جماعة انصار الله بشكل كبير والذين يحاولون استثمار هذه القوة الفائضة في فرض مايستطيعون من مواقف تصب في مصلحتهم

أما الشماليين فهم لا زالوا تحت مجموعة من الصدمات أولها عدم وجود قيادة شمالية موحدة وانفراد جماعة انصار الله بحكم معظم المناطق الشمالية ووجود المعارضين لهم من الاحزاب والقيادات الشمالية في جزء من مارب وتعز والمخا وفي بعض العواصم العربية وغير قادرين على احداث اي تغيير وهي واحدة من الاشكاليات التي يتحملون اليوم نتائجها و ثاني الصدمات الانفتاح السعودي مع انصار الله من اجل السلام واستمرار الحوار فيما بينهم حتى اليوم للوصول الى سلام شامل يؤدي الى نهاية الحرب في اليمن وخروج السعودية منها بشكل عام.

ان توتر العلاقة بين بعض مكونات الشرعية اليمنية والسعودية والامارات والتي يتم تجنب الحديث حولها اكدتها صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية ونقلت عن مسؤولين خليجيين القول إن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن في عام 2019 لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبل هذا البلد في الوقت الذي تواصل السعودية محادثات مباشرة مع أنصار الله بشأن إنهاء الحرب وأضاف المسؤولون الخليجيين أن الإمارات ترغب بالحفاظ على موطئ قدم استراتيجي لها على الساحل الجنوبي لليمن وضمان وجود قوة في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم ووقعت الإمارات اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في حالة وجود تهديد وشيك وكذلك تدريب القوات اليمنية في الإمارات وتعميق التعاون الاستخباراتي بين الجانبين وفقا للصحيفة وتسعى الإمارات أيضا لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر بحسب مسؤولين خليجيين .

وأضاف المسؤولون الخليجيون أن مسؤولين سعوديين اعترضوا سرا على الاتفاقية الأمنية وخطط بناء القاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدود المملكة مع اليمن ووقف هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ التي تشنها حكومة صنعاء.

وردا على ذلك نشر السعوديون قوات من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكا للترهيب على حد قول مسؤولين خليجيين .

كما أن الخلافات السياسية والعسكرية داخل التحالف الذي شكلته المملكة العربية السعودية بداية الحرب في اليمن لايمكن تجاهله وأصبحت هذه الخلافات واضحة بين جميع دول التحالف بسبب عدم توحيد جهودها السياسيه عبر دعم المفاوضات من أجل الحل السياسي الشامل بين كل أطراف الصراع في اليمن بدلا من الالتفاف على ذلك عبر أقامة تحالفات عسكرية وسياسية تتناسب مع رؤية وتوجهات كل دولة من دول التحالف نابعة من رؤيتها الخاصة للوضع في اليمن وقد رأينا في الفترة الاخيرة تزايد حجم تأسيس مثل هذه المكونات سياسية وعسكرية بالاضافة إلي أطر تتبني حكم وادارة ذاتية ومبادرات حول السلام وحقوق الانسان ومراكز دراسات سياسية تقيم حوارا ت سياسية حول الوضع في اليمن وأدوات أعلامية مابين قنوات وصحف وغيرها كثير من المسميات وكل هذه الوسائل والمكونات تستلم دعم مادي كبير من دول التحالف وهو ما تسبب بتعقيد المشهد اليمني بدلا من ايجاد توافق لنهاية الحرب في اليمن بل أصبحت على العكس من ذلك حيث أعتبر الكثيرين أن أستمرار الحرب هي مصدر دخل مهم بالنسبة لهم غير مكترثين بحجم الدمار والمعاناة الانسانية لاستمرار اي حرب وأصبحت مثل هذه الاعمال هي المحرك الاساسي لكثير من القوى والناشطين رغم حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها اليمن من المجاعة والامراض المختلفة وندرة الخدمات الصحية بسبب هذه الحرب .

اليمنيين بشكل عام ينظرون الى مشاريع التقسيم في اليمن اى كان مصدرها او الهدف منها تَغيَّرَ النظام أو لم يتغير لا يشكل لهم مشكلة في أسوأ الحالات وذلك لارتباطهم بالجغرافيا السياسية المحيطة باليمن فاليمن سواء اصبح دولة او دولتين او اكثر سيظل يحتفظ اليمن بوحدته الجغرافية رغم تعدد الانظمة والمسميات وهذا ماتعود علية اليمنيين عبر التاريخ

تثبت الأحداث أن اليمن مقبل على سيناريو يمكن ان يؤدي الى صراعات جديدة تستمد منها بعض الدول الاقليمية رغبتها في الحفاظ على كيانها واستمرارها بعيد عن تحكم الكتل او الكيانات الكبري في مسار الاحداث في المنطقة بشكل عام قادم الايام سيثبت اهمية بناء السلام وفق رؤيا تحقق المصالح الامنية والسياسية والاقتصادية بعيدا عن العواطف والمشاريع التى يمكن ان تؤدي أثارها الى كارثة على المنطقة بشكل كامل .

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس