بقلم/الدكتور / علي احمد الديلمي
رغم ان غالبية اليمنيين ينظرون الى امكانية وصول الاطراف اليمنية الى سلام حقيقي يؤدي الى استقرار الاوضاع الا ان مؤشرات تصاعد الصراعات الداخلية بين جميع المكونات السياسية فرضت نفسها هذه الأيام لترسم واقعا لم يعد في الامكان اخفاءه ويترك رسائل تبعث على القلق من مستقبل أكثر قتامة في المشهد اليمني وفي ضوء الجمود السياسي الذي يخيم على الوضع الحالي يزداد تفاقم الأوضاع اليمنية في كل المجالات والواقع أن استمرار الوضع بشكله الحالي لا سلام ولا حرب يقود اليمن إلى المجهول

هناك مكونات وجماعات مسلحة كثيرة في اليمن أبرزها جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي وألوية العمالقة المتحالفة مع الانتقالي الجنوبي والجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية وألوية اليمن السعيد وميليشيا حزب الإصلاح الإخوانية والمقاومة الوطنية قوات الساحل الغربي وغيرها بالإضافة الى ذلك هناك قبائل يمنية مسلحة متعددة تساند هذا الطرف أو ذاك دون الحديث عن تنظيمي “القاعدة في جزيرة العرب” و”داعش” الإرهابيَّيْن. وهناك حالة مضطربة من التوازن بين هذه القوى جميعًا بحيث لا يستطيع أحدها تحقيق الحسم العسكري وكلٌ يبحث عن مصلحته الخاصة ولذلك تتصارع هذه القوى فيما بينها وتتبدل تحالفاتها في الداخل والخارج وفقًا لمصالحها المتعارضة

يكتسب موقع اليمن أهمية كبري بالنسبة للدول المجاورة والقوي الدولية مما يدفعها للتدخل والانخراط في الأزمة اليمنية بغرض ضمان تحقيق مصالحها حيث تبرز أهمية موقع اليمن بالنسبة لحركة التجارة العالمية ونقل امدادات النفط حول العالم وذلك بسبب موقعه المطل علي بحر العرب والمحيط الهندي والبحر الأحمر وخصوصاً مضيق باب المندب الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر المؤدي الي قناة السويس ومن ثم الي البحر الابيض المتوسط والذي يمر منه حوالي 30% من امدادات النفط العالمية لذا يعتبر استقرار اليمن مهماً في تأمين خطوط التجارة العالمية كما تبرز أهمية اليمن ايضاً بالنسبة للأمن القومي للدول المجاورة

ويزداد الأمر تعقيدًا وتركيبًا في مايحدث في اليمن أنّ التدخلات الدولية والإقليمية تتحكم في مساره ومآله إلى حد كبير فعلى المستوى الإقليمي يُنظر إلى إيران من جهة والسعودية ومعها دولة الإمارات (في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن) من جهة ثانية باعتبارها مَن تقود الصراع اليمني وتدير بشكل مباشر القوى المحلية النشطة على الأرض ومع ذلك هناك فاعلون إقليميون فرعيون ينشطون في شؤون اليمن غير أن نشاطهم محدود التأثير كما هو حال مصر وسلطنة عُمان وقطر وعلى المستوى الدولي الذي يقوم برسم خريطة الأزمة وتوجيه مسارها من خلال التحكم بعدد من المفاعيل المؤثرة في احداث اليمن تعد الولايات المتحدة اللاعب الأقوى في هذا المستوى ومن بعدها يحضر بدرجات تأثير أقل كلٌ من المملكة المتحدة والبعثة الأممية والاتحاد الأوربي وروسيا والصين

اصبحت الاوضاع في بلادنا متدهورة من جميع الجوانب ولعل أهم الاسباب في ذلك هو تأخر الوصول الي تسويه سياسية سلمية الي حد الان كما ان الاحداث في اليمن لم تكن فقط مقتصرة علي الاطراف الداخلية انما تعددت الاطراف الفاعلة في مايجري في اليمن ما بين الاطراف الداخلية والخارجية وما بين اطراف اقليمية ودولية وداخلية فمثلا علي المستوي المحلي لم يوجد جهه محلية موحده انما تعددت الجهات وكانت لكل جهه مطالب مختلفه عن الاخري وهذا ادي الي احداث فجوة كبيرة فتعددت الجهات المحلية ما بين مجلس القيادة الرئاسي والحكومه الشرعية بقياده رئيس مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين التي تتمثل فيهم.

مايحدث في اليمن بشكل كبير وعلي المستوي الاقليمي تعددت الادوار ايضا فمثلا كان لايران دور مختلف عن الدور التي قامت به السعودية والتي تعد من اهم الاطراف الاقليمية الفعاله في احداث اليمن والتي قادت عمليات التدخلات العسكرية وقادت التحالف العربي والطرف الاقليمي الثالت الفعال كان متمثل في الامارات والتي اتجهت فيما بعد الي تحقيق مصالحها في جنوب اليمن بينما الاطراف الدولية فتمثلت في الولايات المتحده الامريكية وروسيا وبريطانيا وكان لكل منهم دور فعال في تعاملهم مع الاحداث في اليمن بالاضافة الي دور الاتحاد الاوروبي وايضا دورمجلس الامن والامم المتحده ونتيجه لحجم وكثرة التدخلات التي حصلت في اليمن لم تحل الوضع المأساوي في اليمن وانما زادت من حدتها وزادت من حده الصراعات  الداخلية التي تتم علي ارضها كما انها كان لها دور في تشكيل الجماعات والمليشيات المسلحة وذلك من خلال توفير الدعم المالي والاسلحة

ان انعدام الاحساس بالانتماء الوطني لليمن ادي الي سهوله استخدام القوي السياسية باليمن كاداه في يد القوي الخارجية لان التحولات الجديدة التي حدثت في اليمن أثبتت أننا أمام وضع وجديد وتداخل مصالح بين قوي أقليميه ودوليه وغيرها لان الأطراف الاقليميه والدولية لا يوجد لديها حتي الان أي رؤيا واضحة أومشروع محدد تجاة تحقيق السلام في اليمن لان تشابك المصالح وأختلاف الأهداف تدفع جميع الأطراف إلي التبشير بأهمية وقف الحرب بينما الواقع يؤكد غير ذلك ويمكن القول أن الاختلافات الاقليمية والدولية حول مايجري في اليمن لا يزال هو أحد أهم الاسباب الجوهرية في عدم وقف الحرب واحلال السلام في اليمن لأن هذه الاطراف الاقليمية والدولية تتحرك ببطء شديد لإيجاد حل سياسي ينهي معاناة اليمنيين والمآسي المستمرة لكن في الجانب الآخر تستمر معظم هذه الدول في تحقيق مصالحها من خلال أستمرار الحرب في اليمن

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس