بقلم/ عائشة سلطان
منذ أكثر من عشر سنوات ربما، ثارت أزمة تتعلق بإدارة أحد مرافق لبنان السياحية الشهيرة، وهي مغارة جعيتا، أما الأزمة فكانت اعتراض وزارة السياحة على الجهة المستثمرة للمغارة التي منحت شركة أجنبية الإذن بتصوير إعلان تجاري داخل المغارة، وأما سبب الاعتراض فيعود للأضرار التي يلحقها ضوء فلاشات التصوير ببيئة المغارة الحساسة المكونة من صخور كلسية تكونت عبر سنوات طويلة ومنحت هذه المغارة ندرتها وقيمتها وجمالياتها الباهرة، لذلك اتخذ قرار منع التصوير منذ سنوات طويلة حفاظاً عليها وحماية لألوانها.

أعادني هذا الموضوع للسنوات الأولى من تعرفي على لبنان عام 2000 حين بدأت زياراتي المتكررة له، وأذكر تماماً زيارتي للمغارة في ذلك العام، فقد كانت التعليمات مكتوبة بخط واضح، وكانت الإدارة تصادر كاميرات السياح عند مدخل المغارة، وتضعها في صناديق تشبه صناديق البريد الزرقاء.

وبالتأكيد فهناك من لا يرى في التصوير أي ضرر من أي نوع، هؤلاء الذين لا يرون في المغارة سوى مشروع تجاري يدر ذهباً على الدولة وعلى المستثمرين. يؤكد هـؤلاء أنه ليس صحيحاً أن التصوير في المغارة يضر بالصخور، بل لأن التوقف للتصوير سيعيق الحركة نظراً لضيق ممرات المغارة.

والحقيقة أنني كنت في زيارة لأحد قصور العثمانيين التاريخية في تركيا، وتحايل أحدهم لالتقاط صور للقصر من الداخل، فما كان من الحارس إلا أن صادر هاتفه النقال، وفي قصر توبكابي طرد الحارس سائحاً كان يصور داخل إحدى الغرف رغم صرامة التعليمات بمنع التصوير، فكيف يضر التصوير بملابس وسيوف وجدران ولا يضر بمغارة متكونة من صخور كلسية سريعة التأثر!

يحب معظم السياح غالباً أن يخلدوا زيارتهم لأي معلم، وتحديداً القصور والمتاحف، عبر التقاط الصور، إلا أن لوحات «التصوير ممنوع» تعكر عليهم متعة الزيارة، لكنهم يعلمون أن هذا المنع له مبرراته التي يتوجب التقيد بها، خاصة في الأماكن التاريخية والأثرية، لأن التحايل والمخالفة قد يعرّضان الزائر للكثير من الحرج؛ كمصادرة كاميرته أو توبيخه أو طرده من المكان!

نقلاً عن البيان

حول الموقع

سام برس