بقلم/ جيفري كمب
أصبح جون فيترمان ، السيناتور «الديمقراطي» الشاب من ولاية بنسلفانيا ، بمثابة نقطة جذب لأكثر القضايا إثارةً للجدل في السياسة الأميركية :
اختياره للملابس التي يرتديها في قاعة مجلس الشيوخ! ويتمتع فيترمان ببنية جسمانية هي الأضخم في مجلس الشيوخ (2.03 متراً و182 كيلوجراماً).

وقد فاز بمقعده في المجلس عام 2022 متغلباً على محمد أوز، طبيب الصحة التلفزيوني الشهير الثري الذي كان يدعمه دونالد ترامب. خلال حملته الطويلة والمكلِّفة، أصيب فيترمان بسكتة دماغية وتم نقله إلى المستشفى. تعافى واستأنف حملته، لكنه لم يتمكن من التحدث بشكل صحيح في الأيام الأخيرة من السباق. ومع ذلك فقد فاز، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الناخبين لم يثقوا بالدكتور «أوز» الذي قضى معظم حياته في نيوجيرسي وليس في بنسلفانيا.

وخلال الأشهر الأولى من عمله الجديد في مجلس الشيوخ، عاد فيترمان إلى المستشفى لتلقي العلاج من الاكتئاب الشديد ولم يتمكن من أداء واجباته في مجلس الشيوخ إلا مؤخراً. ولأشهر عدة، كان يُشاهَد في أروقة مجلس الشيوخ وهو يرتدي سترةً كبيرة بأكمام طويلة وقلنسوة (معروفة باسم «هوديي»)، وسراويل رياضية فضفاضة وزوج أحذية رياضية كبيرة. لكن لم يكن بإمكانه الظهور أمام مجلس الشيوخ إلا إذا كان ملتزماً بقواعد اللباس التقليدية التي تتطلب دائماً بالنسبة للرجال ارتداء سترة وربطة عنق وسراويل عادية.

وفي 17 سبتمبر، أعلن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشارلز شومر، دون استشارة أو تحذير، أنه سيتم إسقاط قواعد اللباس، وسيكون فيترمان حراً في ممارسة عمله على الأرض مرتدياً «سترته ذات القلنسوة» (الهوديي) والسراويل الفضفاضة.

كان الاحتجاج في وسائل الإعلام، من جانب أعضاء الكونجرس وعامة الناس، قاسياً وساحقاً. إذ تطالب مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي شومر بإلغاء سياسته. فهم قلقون بشأن التأثير الذي سيحدثه ذلك على سمعة مجلس الشيوخ إذا قرر أعضاء آخرون، بمرور الوقت، التخلي عن قواعد الملبس والظهور بملابس رياضية وقمصان مبهرجة وقبعات البيسبول والصنادل.

وفي السياق الاجتماعي الأوسع، تعد قضية فيترمان مثالاً للكيفية التي أصبحت بها قواعد اللبس على مدار الأعوام الخمسين الماضية أقل صرامة. في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين، كان من الطبيعي «ارتداء الملابس الرسمية» عند ركوب الطائرة. كانت تذاكر الطيران باهظة الثمن وكانت المقاعد في الدرجة الاقتصادية مريحة، وكانت الخدمة مهذبة، حتى في الرحلات القصيرة، وكانت تتضمن دائماً مشروبات مجانية ووجبات خفيفة.

لكن مع تحرير شركات الطيران من قبل إدارة كارتر، انخفضت أسعار تذاكر الطيران بشكل كبير، وأصبح بإمكان عدد أكبر من الناس تحمل تكاليف الطيران، لكن للبقاء متمكنين في مواجهة المنافسة المتزايدة، قامت شركات الطيران بحشر المزيد من الركاب في مقاعد أصغر. لذا، أصبح الطيران أكثر إزعاجاً وأصبح الركاب يرتدون ملابس غير رسمية بشكل متزايد. وكما هو متوقع، تدهورت الخدمة. واليوم، ما لم تكن قادراً على تحمل تكاليف السفر في درجة الأعمال، فمن المحتمل أن تكون في مقعد ضيق مع خدمة أقل.

ولحسن الحظ، فإن رد الفعل العنيف ضد المقاعد الصغيرة أقنع بعض شركات الطيران بتقديم مقاعد أوسع وخدمة أفضل، لكن هذا ليس هو الحال في معظم الرحلات الداخلية في أوروبا وأميركا الشمالية. وأدى وباء كوفيد إلى زيادة تدهور معايير الملبس، ومع بدء المزيد من القوى العاملة في أداء وظائفها إلكترونياً من المنزل، تغير مفهوم «المكتب». ويتعين على العقارات التجارية في المدن الكبرى أن تتكيف مع عصر جديد حيث سيحتوي عدداً أقلَّ من المكاتب على عدد أقل من الغرف المنفصلة للعاملين الذين سيقضون وقتاً أقل في المكتب، وحتماً سيرتدون ملابس غير رسمية بشكل متزايد.

قد يكون هذا مقبولاً بشرط أن يظل العاملون منتجين، لكن الملابس غير الرسمية للغاية على غرار ملابس جون فيترمان قد لا تكون أفضل طريقة لتعزيز السلوك المسؤول في اقتصاد السوق الحر شديد التنافسية.

نقلا عن الاتحاد

حول الموقع

سام برس