بقلم/ احمد الشاوش
أثيرت الكثير من التساؤلات وطرحت العديد من الافكار والرؤى والملاحظات المهمة من قبل المهندسين والمختصين في مجال العمارة والبناء الصنعاني من منطلق الحرص على خصوصية مدينة صنعاء التاريخية والمحافظة على الطابع المعماري الفريد لـ " باب اليمن " ، الذي يُمثل أيقونة الابداع وعبقرية الجمال وشاهد عيان أصل لمرحلة تاريخية في غاية الاهمية لدرة المدائن اليمنية ، ورغم الحديث الساخن عن ذلك لم نرى أي توضيح رسمي من امانة العاصمة او هيئة المدن التاريخية أوغيرها للوقوف على الحقيقة.

ونظراً لاهمية الموضوع ، تفاعل السواد الاعظم من المسؤولين والنُخب والمثقفين ورجال الصحافة والاعلام في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ، كما توسعت رقعة النقاش والاخذ والرد عن التصميم الجديد والمجسم الغريب لساحة باب اليمن ، حتى صار اعلان أمانة العاصمة عن مشروع صيانة وتحسين المنظر الجمالي لباب اليمن حديث المجالس وأستغراب أهل صنعاء وعشاق وساكني المدينة التاريخية الجميلة التي لفتت الانظار وصارت احدى معالم التراث العالمي وتجاوزت بجمالها ومعالهما وطابعها الفريد باريس ولندن والبندقية وبيروت وسائر العواصم والمدن.

والحقيقة التي لاتحجبها عين الشمس ان من ولد وعاش وترعرع ولعب وشرب من مائها وأكل من بساتينها وتنفس هواءها وتجول في أزقتها وحاراتها واحيائها ونظر الى دورها ودُررها وطيرماناتها ومجالسها ومساجدها وبيوتها وأسوارها وخفة دم وبساطة اهلها او من سكن حاضرة المدن اليمنية لايمكن ان يظل صامتاً تجاه حركة التشويه للمدينة النابضة بالحياة والروح والروحانية والامل أمام عمليات التجديد والتهجين المستوحى من بيئة غير بيئتنا الذي يكاد ان ينزع أصالة وشكل وهيئة وجمال وروح صنعاء القديمة من الجسد.

باب اليمن.. يا سادة ياكرام ليس مجرد باب للدخول والخروج وتَبَضع المواطنين وأعمال البيع والشراء وانتشار البسطات والعربيات ، ورالي للسيارات ، وسباق الدراجات النارية ، ومضايقة النساء ، وتزاحم الرجال في ظل غياب المرور ،أو مجرد سور أثري بل هو معلم بارز وهوية وجسد وروح ورئة وقلب وعيون وفن وذوق واحساس وعبق وآية في الجمال والروعة.

باب اليمن.. يامعشر المسؤولين والعقلاء والحكماء والمهندسين والاساطية هو فن من فنون الحضارة اليمنية وتاريخ أمة واستراحة ومتنزه واصالة شعب وعين ثالثة لجمال وطبيعة اليمن ولوحة بديعة للفن النادر والجمال الآسر والطابع المعماري اليمني الُملهم الذي يجب المحافظة عليه ليس من أجل أن يظل في قائمة التراث العالمي فقط وانما من اجل أن يعكس هويتنا وأصالتنا وتميزنا.

مدينة صنعاء القديمة بحاجة الى هيئة تاريخية أكثر مسؤولية وتفاعلاً أو وزارة جديدة تملك ارادة مستقلة وصلاحيات واسعة وتضم صفوة من المسؤولين الشرفاء والمهندسين الاكفاء والمعماريين البارعين والاساطية والفنانين المحترفين والمتخصصين في فن العمارة والصيانة والترميم والزخرفة للمحافظة على الطابع المعماري بعيداً عن تداخل الاختصاصات والضغوط والمجاملات والمصالح الشخصية والتعيينات السياسية والحزبية وحق بن هاااااادي..

باب اليمن يامعشر الجن والانس ، يحمل الف قصة من قصص الف ليلة وليلة التاريخية وليس مجرد باب وسور وجدران وحجار .. باب اليمن قمة في الابداع والجمال والاناقة والتراث الانساني والحضارة.

ما أحوجنا ياسيادة الرئيس ومدير مكتب الرئاسة الى قرار جمهوري جريئ بازالة كل المباني والمحلات والكاكين الاسمنتيه التي بجوار سور باب اليمن مع اجراء التعويض العادل وفق الزمان والمكان لكي تتحول صنعاء الى تُحفة أثرية ومنطقة سياحية مثل مدن العالم ومتنفس كبير ومساحات خضراء مرصعة بالورود والزهور ، واسترحة راقية ومدينة نظيفه تعكس أصالة وجمال وعالمية مدينة صنعاء

أخيراً .. الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة مسؤولية الجميع وفي المقدمة أهل صنعاء وساكنيها ، كما ان على الجهات المختصة في أمانة العاصمة والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ووزارة السياحة والمجالس المحلية وقبلها مكتب الرئاسة الالتزام بالمعايير والشروط والمواصفات المطابقة للطابع الصنعاني الاثري بعيداً عن التهجين والاكتباس من بيئة الاخرين حتى لوكانت جميلة وعصرية لانها تشوه حضارتنا وتنسف خصوصيتنا وطابعنا وملكيتنا الفكرية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك ارادة من اكبر هرم الدولة مروراً بالجهات المختصة الى تحويل باب اليمن تُحفة أثرية ومعلم سياحي من خلال منع دخول السيارات والدراجات النارية للحفاظ على جمال باب اليمن ، وهل هناك رغبة في نقل اصحاب البسطات والعربيات الى سوق قريب وليكُن المساحة الكبيرة والعريضة من بستان عنقاد وبيت والهبل المهجورة منذ عشرات السنين بأعتباره وقف للحفاظ على ارزاق الناس ..
وهل هناك ارادة حقيقية لضم ساحة باب اليمن الخارجية من الجهة الجنوبية الى متنفس جميل بدلاً من المحرجين والسوق الرسمي لباعة التلفونات " المسروقة " في ظل سكوت قسم باب الحرية ودعممة البحث الجنائي وصمت وزارة الداخلية .. أملنا كبير.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس