بقلم/ عبدالحليم سيف
للزهر الأحمر قصة طریفة ؛ وردت في کتاب « أسرار الحریم » للمؤرخة البریطانیة ترکیة الأصل الیف لیتیل کروتییه ؛ التی کتبت عن حیاة السلطنات - الحَریم فی ترکیا حین کان السلاطین یحجبون حریمهم عن أنظار الناس ؛ یعشن داخل قصور فخمة ؛ ووسط حدائق کانت جنانًا من البهجة ؛ والأطیاب ؛ والألوان الساحرة بحسب وصفها ..فکتبت تقول : " ذات یوم أحب العندلیب زهرة من الزهور ، وصار یغني لها..کانت زهرة بیضاء مثل کل أزهار ذاك الزمان، وقد هزها غناؤه حتی مالت الیه ..واقترب العندلیب خلسة من زهرته الحبیبة ، وهمس فی اذنها: « احبک أیتها الزهرة »، فانجرح قلبها الأبيض من الوجد، واصطبغ بالدم، ومن یومها ولدت الأزهار الوردیة الحمراء..
یا الله حتی الألوان الوردیة للورد مصبوغة بالدم "!!

قفزت هذه القصة الطریفة الى الخاطر الیوم ؛ وأنا أتصفح بعض مواقع التواصل الإجتماعي، وهي تحتفی ب"عید الحب" ..فوجدتها تنطق بأشکال مختلفة للأزهار.. الوردیة منها و الحمراء والبیضاء والصفراء ، تفوح منها رائحة المحبة الخالصة، والتمنیات الحارة بالسعادة ..حتی لکأن بعضها إن لم یکن معظمها ترید أن تعلمنا دروسا في معنی الحب للوطن والأنسان والجمال .. وتغرس في عقولنا روح الأخاء والتسامح والسلام.

ومن بین العبارات المنقوشة داخل براویز متنوعة في الغالب شکل القلب باللونین الأحمر والآبیض، تلك التی تعبر عن حب الیمنی لبلده..منها "أحبك یا یمن ".." عطر فمك بحب الیمن" .." علینا أن نحب الیمن فلیس لنا غیره وطنا یجمعنا".."اللهم أحفظ الیمن وأهله " . " دعونا نحب لنعیش " .." أترکوا وطننا في محبة من أجل أطفالنا وأطفالکم".

والأخیرة موجهة إلی أمراء الحرب والظلام وأعداء الحب والحیاة، الذین ینشرون الموت والحقد والکراهیة في ارجاء الوطن..في مدنه وقراه ..ودیانه وجباله ؛ حتی بلغت الأزمة درجات عالية من الخطورة ؛ لم تعهدها الیمن بهذا القبح والأجرام العاري من قبل .!! إن الحب السامي النظیف العفیف الشریف ؛ ذکری تستثیر الحنین للزمان الجمیل ، - الذی أفل- قبل عقود من الزمن..، لقد کانت أیاما أقل مرارة ؛ من الأیام الغابرة؛ الشدیدة السواد ؛ كما نشهدها فی أیامنا هذه .
أقول ..أیام خلت کانت العواطف فیها أغزر ..، والحب فیها أخلص ..، والوحدة فیها أمتن ، والعلاقات الإنسانیة أقوی الیس کذلك..؟!

ماذا بقي لنا من تلكم القيم الإيجابية ..ونحن نعيش وسط دماء منهمر كشلال يغرقنا..حتی نمسي ونصبح ، لنری وجوهنا وقد صارت ملونة بإحمرار الدم.کما لوکنا نحدق في مرآة فخمة غارقة بالألوان الوردیة الحمراء ..وهي في الواقع تسبح بنهر دم یسیل من أجساد مئات القتلی..، ومن عذابات الآلالف من الجرحی. ومن أحلام الملایین بالحب والخبز والسلام والأمان والحریة والکرامة .

وفي هذا الجو العاصف ؛ في هذا الوضع الیمني الممزق ؛في زمن الصراع والاحتراب والاقتتال والتدمیر الذاتي ؛ یحل یوم الحب الذی یرمز إلی وحدة الجسد .. وحب الأنسان والوطن ؛ نقطة بارزة تعطي بصیص أمل تشیر إلی وجود الحب المخلص ، الذی یحدد الإتجاه، ويؤکد ضرورة ضبط البوصلة الوطنیة، والإنسانیة، لترشدنا نحو الطریق الصحيح للنهوض بوطننا وشعبنا من تحت ركام الخراب والدمار؛ والوقف مجددا بثقة ؛ لمعانقة مجد الحب الأجمل فی یمن جدید أبهی وأقوی وأسعد.

*نشرت في الصعحة الاخيرة من صحيفة الثورة بتاريخ صنعاء 14 فبرایر-شباط 2015
ولاهمية الموضوع تم اعادة نشر المقالة في موقع سام برس

حول الموقع

سام برس