
بقلم / عادل حويس
في فجر السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962، لم تكن شمس اليمن تشرق كعادتها بل كانت الأرض تهتز تحت أقدام الطغاة وكانت سماء صنعاء تتهجى حروف الحرية لأول مرة منذ عقود طويلة من الظلام.
كان الشعب اليمني على موعد مع المجد مع فجر صنعه أحرار نذروا أعمارهم لتكسير قيود الكهنوت وللعبور باليمن من ظلمات الإمامة إلى نور الجمهورية.
٢٦ سبتمبر لم يكن مجرد تاريخ على روزنامة بل كان زلزالًا غير وجه اليمن وأيقظ فيه الروح التي أُريد لها أن تموت.
في لحظة واحدة انهارت جدران العزلة وتهاوت قلاع الجهل وسقطت اوهام الاماة .
اعلن اليمني من قلب صنعاء أن الكرامة لا توهب وأن الحرية لا تستجدى بل
تنتزع انتزاعاً.
في هذا اليوم ولدت الجمهورية من رحم المعاناة وارتفعت راية الوطن فوق جبال صبر وعيبان وريمة الشماء تبشر بجيل جديد يعرف أن الوطن ليس حقلًا لمشيئة فرد بل أرضا تروى بعرق أبنائها، ويحكمها عقد اجتماعي لا سلالة.
سبتمبر هو أكثر من ثورة.. هو ذاكرة حية تسكن كل يمني حر وهوية لا يمكن تزويرها مهما حاول الواهمون أن يجروا اليمن إلى الخلف أو يعيدوا عقارب الساعة إلى عصور السجون والزنابيل.
لقد حاولت قوى الرجعية أن تطمس وهج سبتمبر أن تطفئ نوره أو تحرف مساره لكن الدماء التي سفكت في سبيله والأصوات التي صدحت باسمه لا تزال تتردد في الجبال والوديان تحكي للأجيال أن هناك رجالًا قالوا لا وكتبوا بالدم أول سطر في كتاب الحرية.
واليوم..ونحن نعيش في خضم صراعات جديدة يعود 26 سبتمبر ليذكرنا من نكون ولماذا كانت الثورة وما الذي يستحق أن نموت من أجله ونحيا لأجله. يعود ليهمس في آذاننا: لا تفرطوا بوطن دفع فيه أغلى الأثمان.. ولا تصمتوا أمام من يحاول سرقة ملامح جمهوريتكم.
سبتمبر ليس ذكرى فقط بل موقف. ليس نشيدًا وحسب.. بل راية تقاتل من أجل أن تبقى مرفوعة. هو الحلم الذي لا يموت.. والوصية التي لا تنسى.
في يمن ٢٦ سبتمبر الخالد.. نجدد العهد: سنحمي جمهوريتنا ونكمل الطريق حتى يبزغ فجر آخر أكثر عدلًا.. وأكثر إشراقًا.. يليق بأحفاد أولئك الذين حلموا بوطن حر وديمقراطي.