
بقلم / عادل حويس
في الخامس من أكتوبر من كل عام تتوقف الأبجدية لحظة تنحني فيها حروفها احتراماً للمعلم، ذلك الإنسان الذي يصوغ من الطباشير والأقلام وطناً من الوعي ويزرع في عقول الأجيال بذور المعرفة رغم قسوة الأرض وجدب الأيام.
فالمعلم في اليمن ليس مجرد صاحب مهنة بل هو حارس القيم وباني الأجيال وصوت الضمير الوطني. إنه الذي يذهب إلى مدرسته رغم المشاق يواجه صمت الجيوب وضجيج الحياة بابتسامة صابرة حاملاً هم الوطن في قلبه وهم طلابه في عينيه مؤمناً بأن رسالته أسمى من كل عناء.
في هذا اليوم العالمي للمعلم.. لا بد أن نستشعر عظمة الدور الذي يؤديه المعلم والمعلمة اليمنيان وهما يواجهان كل صباح تحديات مضاعفة بين تأخر الرواتب وضيق الموارد ومع ذلك يقفان أمام الطلاب بكل شموخ ليؤكدا للأجيال أن العلم لا يؤجل وأن الحياة تمضي والعقل لا يجمد.
في وطن أنهكته الحروب وتكاثرت فيه الأوجاع يظل التعليم اللبنة الأولى لبناء المستقبل والجسر الآمن لعبور الأزمات فالأمم لا تنهض إلا بالفكر المستنير ولا تبنى بالضجيج السياسي بل بصمت المعلمين وهم يخطون على حياة الأجيال أولى كلمات النهضة.
ورغم الانقسام الجغرافي والسياسي الذي تعيشه اليمن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، يبقى المعلم هو الرابط الوحيد بين الأجيال والرمز الجامع لكل يمني يحلم بوطن واحد مستقر كريم. أما الطلاب فهم أيضاً يعانون من قسوة الظروف المعيشية، حيث يأتي كثير منهم إلى المدرسة بخطى متعبة حاملاً في حقيبته كتباً مهترئة وأحلاماً كبيرة، لكن إصراره يفوق كل الصعاب وما تمنحه له كلمة طيبة من معلمه قد تكون نقطة الضوء التي تغير مصيره بأكمله.
في ظل هذه التحديات، لا بد من إعادة الاعتبار للتعليم بكل أنواعه: الأساسي والعالي والفني، فكلها روافد تصب في نهر واحد هو نهر التنمية. ويجب أن يبقى لكل مجال خصوصيته ورؤيته، حتى لا تضيع الجهود وتتلاشى المسؤوليات، خاصة بعد دمج الوزارات الثلاث. فالمدارس الحكومية تعاني اليوم من ازدحام وضيق في الإمكانيات، لكنها لا تزال تحمل الروح الوطنية الأصيلة التي تسكن جدرانها.
أما المدارس الأهلية.. فعليها أن تتذكر أن التعليم رسالة قبل أن يكون تجارة وأن مستقبل الوطن لا يقاس بعدد الأقساط بل بعدد العقول التي تنير دروب الغد.
سيظل المعلم اليمني عنوان الصبر والكرامة وسيظل التعليم هو الطريق الاوحدنحو الخلاص والرقي .مهما طال ليل المعاناة، سيبزغ فجر يحمل وعدا جديدا.