بقلم / محمد أنعم
العلاقات اليمنية السعودية تحتاج إلى أكثر من قرن على اقل تقدير لتعود إلى ما كانت عليه قبل مارس 2015م ، وهذا يتطلب من قبل الرياض وصنعاء وقف العدوان وإجراء حوار مفتوح وتعاون صادق ، يحرص فيه الجميع على دمل الجروح والأحقاد ومعالجة التبعات الكارثية لعدوان السعودية على اليمن ، وما ترتكبه من جرائم حرب إبادة بحق الشعب اليمني بدون حق .. اعتقد إن هذا الاستحقاق سيغدو ملزما إذا حرص الجميع على تأمين مستقبل سعيد للاجيال القادمة وامن واستقرار البلدين والشعبين الجارين والمنطقة العربية ، فلابد من وقف الحرب والذهاب الى جنيف في أسرع وقت لوقف المزيد من التداعيات التي تواجهها منطقة أصبحت تشتعل بالحرائق وتنزف دماء بشكل عبثي وتبعث على الرعب.
ان خصوصيات مجتمعاتنا العربية وتركيبتها الاجتماعية المعقدة توجب على ال سعود ان تبقى فيهم حكماء التقاط المبادرة التي اطلقها الزعيم علي عبدالله صالح والتعامل معها بمسؤولية وتبني قرارات شجاعة للسير نحو جنيف 1، فهذا خيار حضاري ، ولا يجب ان يتعاملوا بتكبر وغطرسة ولامبالاة مع هذا الخيار الذي يعد الوحيد امام الجميع لتحقيق آمال وتطلعات شعوب جزيرة العرب والخليج لتتمكن من التفرغ لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف الجميع .. ان براكين الكراهية والأحقاد والثارات وحب الانتقام تشتعل في قلوب أكثر من 20 مليون يمني من بسطاء الشعب وحتى كبار مشائخ قبائل اليمن الذين قتل آل سعود فلذات أكبادهم وهم في منازلهم ومساجدهم ومدارسهم وأسواقهم وأعمالهم أو غير ذلك.
ان الدم لا يورث الا الدم ولا يمكن ان تسقط هذه الجرائم وينجوا الجناة من العقاب حتى وان أبادوا الشعب اليمني من الوجود ، وهذا مستحيل ..وقد استخدموا القوة العسكرية بافراط.. صحيح ا نال سعود ومعهم 17 دولة دمروا كل شيئ في اليمن ، لكنهم فشلوا ان يهزموا إرادة شعب ما يزال صامدا رغم العدوان والحصار. لهذا فالحل الناجع والوحيد يكمن بإجراء حوار يمني – سعودي مسؤل وشفاف فعبره فقط يمكن تجنيب اجيال المستقبل وشعوب المنطقة تبعات وويلات الجرائم التي اقترفها العدوان ، والعمل معا وفق رؤية مشتركة ..مع التأكيد انه لا يجب ان تفلت الدول التي شاركت في العدوان على اليمن من تحمل المسؤولية.
ونذكر هنا من يرفضون الحوار ان جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الأتراك بحق الشعب الارمني قبل قرن من الزمن ما تزال تطارد تركيا إلى اليوم ، وكذلك الأمر بالنسبة للجرائم التي ارتكبتها النازية الألمانية بحق اليهود فما تزال المانيا تعاني منها الى اليوم كذلك.
ان ذاكرة الشعوب لا تنسى فما بالنا وبشاعة جرائم العدوان السعودي بحق الشعب اليمني تفوق بوحشيتها وهمجيتها الجريمتين اللتين اقترفهما الاتراك والالمان القرن الماضي ، وتؤكد على ذلك تقارير المنظمات الدولية التي تتهم بشكل صريح ال سعود بارتكاب جرائم حرب في اليمن .. يدرك من يعرفون طبائع الشعب اليمني ان دعوة الرئيس اليمني السابق لحوار يمني – سعودي كانت دعوة مستفزة للشارع اليمني الذي لا يمكن ان يفرط بدماء أبنائه او يساوم عليها ، ومع ذلك التزموا الصمت إيمانا منهم ان الرئيس صالح كزعيم عربي يستشعر حجم المخاطر المحدقة بالمنطقة وربما اراد ان يستبق المتأبطون شرا بأمتنا فبادر للدعوة لمثل هذا الحوار الان قبل فوات الاوان .. هناك ملفات كثيرة يجب ان تضع على طاولة الحوار اليمني السعودي ولابد ان تعالج سريعا واي محاولة لترحيلها او التهرب منها ستكون لها تداعيات خطيرة واثأر وخيمة على امن واستقرار البلدين والمنطقة.
وتزداد اهمية مثل هذا الحوار خصوصا وهناك معلومات تؤكد ان العديد من قادة دول المنطقة وفي المقدمة الدول الخليجية يقفون بشكل غير معلن مع حوار يمني – سعودي وعدم افلات السعودية من العقاب جراء ما تقترفه من جرائم باليمن ، لأنهم أصبحوا يخافون من ان تجتاح السعودية بلدانهم عسكريا في أي لحظة بعد ما فعلته باليمن.. و جاء قرار إرسال الكويت قوات برية للمشاركة في العدوان على اليمن بعد عشرة أشهر كمحاولة لإرضاء ال سعود وتجنيب الكويت أي حماقات مماثلة لما حصل في اليمن في ظل استمرار الصمت والتواطؤ الدولي المريب مع عدوان ال سعود على اليمن .. حقيقة ان فرص الحوار اليوم ممكنه على الرغم انه لم يعد لدى الشعب اليمني ما يخشى عليه ، . والكرة كما يقال بملعب ال سعود.
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس