بقلم / عــبدالله عـلي صـبري
مع بداية 2016، تبدو أوضاع اليمن والمنطقة من حولها قاتم إلى أبعد الحدود، خاصة وأن السيناريو الأمريكي ينذر بمزيد من الاحترابات ذات الصبغة الطائفية التي تخنق الحاضر والمستقبل، وتجر دولنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية إلى صراعات ماضوية، علماً أن الحاضر عندما يعجز عن التقدم، فإنه يرتد إلى الوراء، فيغدو الماضي هو المستقبل!.

بالطبع فإن ما يحدث في الوطن العربي تحديداً غير منفصل عن مخاض تخلق نظام دولي جديد يضع نهاية للأحادية القطبية التي هيمنت على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينات القرن الماضي، وصبغت المشهد السياسي الدولي ولا تزال بالأمركة، كعنوان لهيمنة واشنطن على العالم.
ومنذ 2009 وفي ذروة الأزمة المالية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الرأسمالية، تبين للأمريكيين قبل غيرهم أن سياسة المحافظين الجدد القائمة على استخدام القوة العسكرية في الصراع الدولي، وتحت عنوان ما يسمى بالحرب على الإرهاب، كانت السبب الرئيس في الأزمة المالية وتدهور الاقتصاد الأمريكي، وأن الطريق إلى الاصلاحات المالية يمر عبر تغيير السياسة الخارجية للبيت الأبيض، والانسحاب الأمريكي التدريجي من بؤر الصراع الساخنة وبالذات في العراق وأفغانستان.

أدركت روسيا أن الفرصة متاحة لكي تستعيد أمجاد ومكانة الاتحاد السوفيتي سابقاً، ورمت بثقلها باتجاه ملء الفراغ بالمنطقة، التي سرعان ما اشتعلت بثورات الربيع العربي في 2011، التي يذهب البعض أن واشنطن عملت على تشجيعها لقطع الطريق على روسيا وغيرها، وبما يضمن بقاء المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية.

تداخلت الملفات الدولية والإقليمية، ونالت سوريا النصيب الأكبر من صراع الحسابات، وباتت الفوضى عنوانا للحياة اليومية في معظم الدول العربية، التي فاقم من مأزقها غياب المشروع العروبي الذي كان يمكن أن يحل بدل المشاريع الأخرى، وبالذات المشروع الصهيوأمريكي.

واليوم فإن تفاصيل المشهد العربي يبعث على جملة من التساؤلات التي قد لا تتوافر لها إجابات مقنعة، خاصة وان الأحداث لاتزال تغلي، وتعد بمفاجآت يصعب التكهن بمحتواها.

يمنيا، فإن ثورة 11 فبراير 2011 كانت فرصة تاريخية للخروج من النفق المظلم، ومعالجة مختلف الأزمات الوطنية، وصولا إلى بناء الدولة المدنية الحديثة، لولا أن اللاعبين السياسيين أغرقوا في المكايدات واللعب على هامش المشاريع الصغيرة. وركنوا إلى المشاريع الخارجية الخليجية والأمريكية، متجاهلين تضحيات شباب الثورة وتطلعات شعبنا إلى الحرية والكرامة والتغيير.

ولقد جاءت ثورة 21 سبتمبر لتعلن أن في اليمن شعب يأبى السير على درب الخضوع للمشاريع الخارجية، فجاء العدوان السعودي الأمريكي للحيلولة دون نهضة الشعب اليمني واستقراره واستقلاله. وهذا يعني أن مآل ومصير اليمن غير منفصل عن سيرورة المتغيرات الدولية والإقليمية من حولنا.

ولا أقصد بهذا – كما يتبادر إلى الذهن- أن ننتظر مآلات الصراع الدولي وكأنه قدر حتمي..ذلك أن الشعوب الحية والناهضة تؤثر وتتأثر بما حولها..وليس كبيرا على شعبنا بصموده الاسطوري وبسالة جيشه ولجانه الشعبية، وبقيادته الثورية أن يصنع الانتصار الذي سيغير وجه المنطقة، ويجعل اليمن لاعباً إقليمياً لا مجرد دولة تابعة لهذه القوة أو تلك!
مشاركة عبر :

حول الموقع

سام برس