بقلم/ معاذ الخميسي
* هذا الرجل الذي غادر قريته (خراب السنف) وترك بيت (المشيخ) وسافر الى سوريا ومن ثم الكويت لينهل من بحور العلم والثقافة..وحرص على أن يكدّ ويتعب..ويبنى أول مشاوير حياته بالاعتماد على الله ثم على نفسه..وبالحرص على ما يسبق كل خطواته حين يعمق ويزيد من اتصاله الدائم بالله عز وجل

* عاد من الغربة..شاباً متعلماً وفاهماً ومثقفاً وقوياً ومتواضعاً في وقت كانت فيه أسرته تتولى (المشيخ) في قريته ولها مكانة كبيرة ووضع مميز .. وفضل أن يكون أكثر قرباً من (المدينة والمدنية) ولم يمش في أي يوم وهو مدجج بالسلاح ولم يصطحب معه المرافقين في الحارة التي يسكنها أو عمله أو في تحركاته..واستمر انساناً بسيطاً ومبتسماً ومتسامحاً وقدوةً في كل شيء !

* عرفته منذ زمن أباً ووالداً ليس فقط لأولاده ولا لأولاد إخوانه وجيرانه ولا لأحفاده..بل لكل من عرفه ووجد فيه الوجه الذي يشع نوراً وضياءً..والقلب الذي يضج حباً وعطفاً ورأفةً ورحمةً..والروح التي تتدفق دفئاً ووداً ونبلاً..والإنسان الذي يملأ ما حوله عِلماً وفهماً واستقامةً وأخلاقاً وهيبةً وتواضعاً وكرماً وشهامةً !

* لم أجده يوماً إلا وهو مشرق بنور يطل من تقاسيم وجه المبتسم دوماً وأبداً ..وبمجرد أن أسلم عليه واتحدث معه أشعر بأني اعيش أفضل وأمتع اللحظات في حضرة الرجل الذي يحب ولا يكره..ويسكنه الود ولا يعرف الحقد..وحين يتركك يودعك بمحباته ودعواته !

* وليس في الأفراح بل وفي الاتراح هو الأول..حتى وهو يعاني ويشكو ثقل (رجليه) من (الروماتيزم) لا يتعذر ولا يتأخر..حياته صفاء..وتعامله نقاء..ومواقفه وفاء..!

* زرته وهو على سرير المرض..ولم أجد منه تلك العبارات..ولا الكلمات..التي كنت استمع إليها وهو يمشي بهدوء ويتوكأ على عصاه..فقد اختار الله له الصمت..في زمن أصبح الصمت فيه (سيد الموقف)..وعند الله (كل الكلام)..!

* وفقط عيناه تصولان وتجولان..وتتحدثان بعمق وفهم ودراية..وضوء وجهه لم يخفت..وابتسامته لا تفارقه حتى وهو في مرضه..وفي أشد أوجاعه !

* مات اليوم (أبي صالح ) الشيخ صالح عبدالله عياش في ليلة ال27 من رمضان..مات وارتاح من همّ الدنيا..وابتلاءاتها..واوجاعها

* مات ولم يوجع قلباً..ولم (يُغثّي) أحداً..وكما بدأ حياته هادئاً ومؤمناً وصادقاً ومحباً وودوداً ..مات كذلك..ومضى الى داره الابدي وكل الألسن تذكر محاسنه واستقامته ومواقفه ولطفه ونبله

* رحمة الله تغشاك أيها الأب المحب الصادق الحريص السخي الكريم الشهم الوفي الأنيق..واسكنك الله جنات الفردوس..وعظم الله أجوركم أخي الحبيب الغالي طارق وكل إخوانك وليد وياسر وعصام وأكرم وممدوح ومحمد وأنس..وابراهيم ويوسف وكل الأحفاد ..وإنا لله وإنا إليه راجعون

حول الموقع

سام برس